ثم الظاهر منها إرادة فعلية النبت لا أهلية الإنبات. فلو منع عنه مانع لمرض ونحوه لم تنشر الحرمة مع احتماله ، وهو الأحوط ، كما أن الظاهر أيضا كونه الأصل في التقدير ، والأخيران معتبران من باب الامارة عليه كما يعطيه صريح بعضها.
وعليه ، فلو علم بتخلف الأثر عن التقديرين الآخرين ، فلا نشر للحرمة ، وتنشر لو تخلفا عنه بأن حصل ، ولما يكمل العدد أو الزمان فيكونان مرجعين ما لم يحرز عدمه ، خلافا لجماعة فاعتبروها أصولا وأسبابا متعددة للتحريم بحيث لو انفرد كل منها عن أخويه نشرت الحرمة ، والآخرين فاعتبروا العدد أصلا ، وظاهر النصوص هو الأول.
هذا وربما يقال : ان التقدير بالأثر إنما يناسب القول بكفاية الرضعة الواحدة ، بل المسمى ، لما هو مسلم عند الأطباء : من فعل الطبيعة في الغذاء بعد وروده في المعدة ، فإنه يطبخ فيها وينجذب صفوه بتوسط العروق الماساريقا الى الكبد ، وتبقى فضلته في قعر المعدة ، ثم ينضج في الكبد وتطبخه طبخا ثانيا ، فننوعه إلى أربعة أنواع ، تعلوها رغوة صافية متلونة بالصفرة ، سميت صفراء ، وعاؤها المرارة ، ورسوبها السوداء متلون بالسوداء المشوب بالخضرة ، وعاؤه الطحال وما بينهما ، لا بمرتبة الرغوة في الصفرة ولا بمرتبة السوداء في الرسوب ، هو الدم والبلغم ، فما رق منه وتم نضجه تلون بالحمرة ، وهو الدم ، وما لم يتم هو البلغم ولا وعاء لهما فينشر الدم مصاحبا للبلغم إلى أعضاء البدن ، فيتخلف بدلا عما تحلل من البدن ، فان انقطع المدد عن الدم من الغذاء مدة بحيث لا يمكن استحالته بدلا عما تحلل ، تخلف البلغم حينئذ عن الدم بعد تلونه بلونه في التحليل الى ما يكون بدلا عما تحلل ، حتى يأتيه المدد ، فالدم الحاصل من الغذاء ـ وان قلّ ـ هو الناشر الى البدن ويأخذ كل ذي قسط قسطه ، ويكون بدلا لما