والعجب منه أنه في (رسالته الرضاعية) استند في اعتبار التفصيل إلى وقوع السؤال من الامام عن عدد الرضعات ممن أخبر بوقوع رضاع بين اثنين.
وأنت خبير بأن عدم قبول قول من أخبر بالرضاع لا يستلزم عدم قبول من أخبر بوقوع الرضاع المحرّم وأطلق من غير ذكر للتفصيل ، لأن الأول أعم من الثاني ، فلا يكون شهادة به وبعبارة أخرى : مرة تكون الشهادة على وقوع رضاع ، وأخرى على الرضاع المحرّم ، ومرة ثالثة على وقوعه مفصلا. لا كلام في قبول الأخير ، كما أنه لا كلام في عدم كفاية الأول في الحكم بالتحريم. وانما الكلام في الصورة الثانية التي هي غير مورد الأخبار التي استند إليها في اعتبار التفصيل في خصوص الشهادة على الرضاع. ولذا لم نجد منهم من استند في المقام الى النص وانما استندوا إلى العلة المتقدمة.
هذا وتمام الكلام في المسألة ينتهي في مقامين :
الأول : في طريق الشهادة ، والثاني في المشهود به.
أما الأول فنقول : إذا شهد الشاهد شهادة مطلقة ، فمقتضى القاعدة عدم قبولها ، لأن الشهادة في الحقيقة إخبار عن ثبوت النسبة بحسب علمه واعتقاده ، إذ لا طريق له إليه الا العلم ، وتصديق خبره بما دل على تصديق خبر العادل ، ليس معناه إلا تصديقه في علمه به وكونه معتقده ومعلوما له ، وأين ذلك من ثبوت المخبر به في الواقع مع وقوع الخطأ فيه كثيرا ، إلا إذا تعلق بالمحسوسات أو بما كان منتهيا إلى المبادي الحسية (١)
__________________
(١) فالمحسوسات واضحة الأمثلة ، وأما المنتهية إليها من الحدسيات كإثبات الملكات النفسية ـ مثل العدالة والعفاف ونحوهما ـ من طريق المبادي المحسوسة المتمثلة بالأعمال الخارجية.