اللهم الا أن يكون مفاد دليل «صدق العادل» تصديقه في المخبر به وكونه مطابقا للواقع ، وهو انما يتم حيث يكون المخبر به من الأمور الحسية أو المنتهية إليها ، لأن احتمال الكذب منفي في حق العادل بما دل على تصديقه ، واحتمال الخطأ منفي بالأصل لندرة وقوعه في المحسوسات ولغوية احتماله فيها عند العقلاء ، ولذا خص الأكثر اعتبار الشهادة فيما كان المشهود به من الأمور الحسية أو منتهيا إليها.
وأما الثاني فالمشهود به : مرة يكون له واقع لا يختلف باختلاف الآراء والأنظار ، كالملكية والزوجية ونحوهما وانما الاختلاف في بعض أسبابه ، وأخرى يكون مما لا واقع له متفقا عليه ، بل تحققه واقعا يختلف باختلاف الآراء كبعض الأسباب الشرعية ، فإن البيع بالفارسية ـ مثلا ـ عند بعض سبب ، وعند آخر غير سبب.
فان كان المشهود به من القسم الأول ، قبلت الشهادة به مطلقة ، لأنه شيء متحد له واقع غير مختلف فيه ، يمكن استناده في تحققه الى إلى الحس ، فلا يكلف بالتفصيل ذكر السبب.
ولا كذلك لو كان من القسم الثاني لعدم ثبوت واقع الا بحسب معتقده فلا بد من ذكره مفصلا في شهادته به حتى يعلم موافقته فيه للحاكم وعدمه وليس معنى تصديقه في هذه الصورة إلا تصديق خبره دون المخبر به.
ومن الثاني الفسق ، والعدالة بناء على انها عبارة عن حسن الظاهر (١)
__________________
(١) العدالة في اللغة معناها الاستقامة والاعتدال في كل شيء وعدم الجور والانحراف يمينا وشمالا وفي مصطلح الفقهاء ـ حيث أخذوها شرطا في كثير من المسائل والأحكام كمسألة التقليد وإمامة الجماعة والطلاق والشهادات ـ اختلف في حقيقتها : إنها الملكة النفسانية الباعثة على إتيان الواجبات وترك المعاصي ، أو أنها فعل الواجبات وترك المحرمات عن