لتوقفهما على معرفة المعاصي حتى يكون مرتكب واحد منها فاسقا ، ومتجنب الكل ظاهرا عادلا ، وكم من فعل يكون معصية عند بعض ، ولا يكون معصية عند آخر ، فلعل الشاهد استند في تفسيقه إلى صدور فعل منه يراه معصية بالاجتهاد أو التقليد ، ولا يراه الحاكم معصية ، وفي تعديله بحسن الظاهر عنده لتجنبه ظاهرا عن جملة أمور لا يرى غيرها معصية حتى يكون ارتكابه
__________________
ملكة ، أو انها الاستقامة العملية والسلوك في جادة الشرع بإتيان الواجبات وترك المحرمات ، أو انها : الإسلام وعدم ظهور الفسق في الخارج ، أو انها : حسن الظاهر فحسب ، ولكل من هذه الآراء قائلون وأدلة وصلات بإخبار أهل البيت عليهم السلام : ولو أمعنا التأمل والتحقيق في هذه الآراء الخمسة لتمخضت عن رأيين متعارضين فقط ، فإن الأولين ربما يجتمعان في مفهوم واحد ، فيخضع أحدهما للآخر وتكون الحصيلة : أن العدالة نتيجة عمل خارجي وانطواء نفسي ، والآخران ، الظاهر أنهما من الطرق الكاشفة عن حقيقة العدالة ، لا هي نفسها ، كما أن للعدالة طرقا أخرى تكشف عنها غير حسن الظاهر وعدم ظهور الفسق ، وهي العلم ، والبينة والوثوق والاطمئنان ، والشياع والاستفاضة ـ على ما قيل.
ثم اختلفوا ـ في المعاصي التي تهدم العدالة ، هل تنقسم إلى صغيرة وكبيرة أم كل الذنوب كبائر؟ وانما الاختلاف بينهما نسبي.
ثم اختلف القائلون بالتقسيم في المائز بينهما فالمشهور : إن الكبيرة ما توعّد عليها النار في الكتاب ، وقيل : محض التوعد ، سواء من الكتاب أم من السنة. وقيل : الكبيرة هي ما رتب لها في الشريعة حد معين وقيل : الكبيرة : هي المعلومة الحرمة بدليل قاطع كإجماع أو كتاب أو سنة ، وقيل : غير ذلك في تعريف الكبيرة ، وبالمعاكسة تعرف الصغيرة لأن الكبر والصغر من المعاني المتضايفة التي يعرف أحدها بمعاكسة الآخر