وبعد الوقوف على ما ذكرنا يظهر لك : أن العلة في اعتبار التفصيل في الشهادة على الرضاع ليست سارية في جميع موارد الشهادات ـ كما تقدم من الجواهر ـ ولا مخصوصة بخصوص الرضاع حتى يقع الإشكال في وجه الخصوصية مع وجودها في غيره أيضا ، بل تختلف بحسب المقامات في موارد الشهادات حسبما ذكرنا.
هذا : ولا يتوهم الفرق على ما قلنا بين ما لو شهد على الرضاع على أحد العناوين السبعة المسببة عنه ، فيقال بالقبول مطلقة في الثاني كالشهادة على الأمومة والبنتية ، فإنها كالشهادة على الملكية والزوجية ، ضرورة عدم الفرق بينهما بعد أن كانت العناوين المحرمة مسببة عن الأسباب المختلفة في تحققها ، ولذا عطف غير واحد الصورة الثانية على الأولى في تعداد الأمثلة كالعلامة في بعض كتبه ، والكركي ، وكاشف اللثام وشيخنا في (الجواهر) ، بل منهم من اقتصر في المثال على الصورة الثانية كالداماد في (الرسالة الرضاعية) حيث قال فيها : «مسألة : لا تسمع الشهادة في الرضاع مطلقة كما يسمع الإقرار به مطلقا ، بل لا بد من التفصيل ، فلو شهد الشاهدان بأن هذا ابن هذه من الرضاع أو أخوها ـ مثلا ـ لم تسمع حتى يقولا : نشهد أنها أرضعته من لبن الولادة عشر رضعات تامات ـ إلى أن قال ـ صرح بذلك الأصحاب ، وذهبت إليه العامة ، لأن النصاب المتعلق به التحريم مختلف فيه كمية وكيفية : فبعضهم حرم بالقليل وبعضهم بالإيجار (١) إلى غير ذلك من الاختلافات ، فلا بد من ذكر الكمية
__________________
هو ما بلغ مكسّر مساحته (٢٧ شبرا) ، وقيل (٣٦ شبرا) ، وقيل ثلاثة وأربعين شبرا إلا ثمن الشبر ، وقيل غير ذلك. عن الموسوعات الفقهية وكتب الأخبار ـ في أوائل كتاب الطهارة ـ
(١) أوجره إيجارا : الشيء في فيه : جعله فيه.