آخذ بغرز رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا عباس ناد : يا أصحاب السّمرة» قال : وكنت رجلا صيّتا ، فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ، قال : فو الله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ، فقالوا : يا لبّيك ، يا لبّيك ، يا لبّيك ، وأقبل المسلمون فاقتتلوا هم والكفار ، فثارت (١) الأنصار يقولون : يا معشر الأنصار ، ثم قصرت (٢) الداعون على بني الحارث بن الخزرج ، فنادوا : يا بني الحارث بن الخزرج ، قال : فنظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليهما إلى قتالهم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا حين حمي الوطيس».
قال : ثم أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفّار ثم قال : «انهزموا وربّ الكعبة ، انهزموا وربّ الكعبة» ، قال : فذهبت أنظر ، فإذا القتال على هيئته فيما أرى ، فو الله ما هو إلّا أن رماهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحصياته (٣) فما زلت أرى أخذهم (٤) كليلا وأمرهم مدبرا حتى هزمهم الله ، قال : فكأني أنظر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم يركض خلفهم على بغلته [٨١٤].
أخبرنا أبو سهل محمّد بن إبراهيم بن سعدوية ، أنا أبو الفضل عبد الرّحمن بن أحمد الرازي ، أنا أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، نا أبو بكر محمّد بن هروي الروياني ، نا أبو صالح محمّد بن زيتون ، نا حمّاد بن زيد ، نا ثابت ، عن أنس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أجمل الناس وجها ، وأجرأ (٥) الناس صدرا ، وأشجع (٦) الناس قلبا ، ولقد فزع أهل المدينة مرّة ، فركب فرسا لأبي طلحة عريا (٧) ثم قال : «لم تراعوا ، لم تراعوا إنه وجدته بحرا ـ يعني الفرس ـ» (٨) [٨١٥].
__________________
(١) في المسند : فنادت.
(٢) كذا.
(٣) بالأصل : بحصاته ، والمثبت عن المسند.
(٤) في المسند : «حدهم كليلا» أي ما زلت أرى قوتهم ضعيفة.
(٥) رسمت بالأصل : وأجرى.
(٦) رسمها غير واضح بالأصل وتقرأ : وأسمع.
(٧) رسمت بالأصل : عري.
(٨) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الجهاد فتح الباري ٦ / ٩٥ و ١٠ / ٤٥٥ ومسلم في الفضائل (ص ١٨٠٢).
والبيهقي في دلائله ١ / ٣١٣ و ١ / ٣٢٥ والذهبي في التاريخ (السيرة النبوية ص ٤٦٣) وابن سعد ١ / ٣٧٣ وابن كثير في البداية والنهاية ٦ / ٣٧.