غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ») (١) ، وقال تعالى : (فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) (٢) ، وقال تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ) (٣) ، وهكذا كان من معجزات سليمان عليهالسلام تسخير الريح عاصفة قوية لتحمله وتحمل جنوده وما معهم من الأثقال ، وتقوم بأداء ما يريده منها مما سخر الله له فيه ، وهي تجري بأمره إلى الأرض التي بارك الله فيها ، معجزة قاهرة أكرمه الله بها ، وأجراها على يديه إظهارا لنبوته وتأييدا لرسالته (٤) ، ويقول الفخر الرازي : المسخر لسليمان كانت ريحا مخصوصة ، لا هذه الرياح ، فإنها المنافع عامة في أوقات الحاجات ويدل عليه أنه لم يقرأ إلا على التوحيد ، فما قرأ أحد الرياح (٥) ، ويقول الأستاذ الشهيد سيد قطب ، طيب الله ثراه ، وتخير الرياح لسليمان تتكاثر حوله الروايات (٦) ، وتبدو ظلال الإسرائيليات واضحة في تلك الروايات ، وإن تكن كتب اليهود الأصلية لم تذكر شيئا عنها ، والتحرج من الخوض في تلك الروايات أولى ، والاكتفاء بالنص القرآني أسلم ، مع الوقوف عند ظاهر النص لا تتعداه ، ومنه يستفاد أن الله سخر الريح لسليمان ، وجعل غدوها ، أي توجهها غادية إلى بقعة معينة (هي الأرض المقدسة في آية الأنبياء ٨١) يستغرق شهرا ، ورواحها ، أي انعكاس اتجاهها في الرواح يستغرق شهرا كذلك ، وفق مصلحة تحصل من غدوها ورواحها ، يدركها سليمان عليهالسلام ، ويحققها بأمر الله ، ولا نملك أن
__________________
(١) سورة سبأ : آية ١٢.
(٢) سورة ص : آية ٣٦.
(٣) سورة الأنبياء : آية ٨١.
(٤) عويد المطرفي : المرجع السابق ص ٧٧ ـ ٧٨.
(٥) انظر : تفسير الطبري ١٧ / ٥٥ ـ ٥٦ ، ٢٢ / ٦٨ ـ ٦٩. ٢٣ / ١٦٠ ، تفسير النسفي ٣ / ٣٢٠ تفسير ابن كثير ٣ / ٣٠٠ ، ٨٤٠.