الله صلىاللهعليهوسلم يقول : قال الله عزوجل لداود عليه الصلاة والسلام ابن لي بيتا في الأرض ، فبنى داود بيتا لنفسه قبل البيت الذي أمر به فأوحى الله إليه يا داود نصبت بيتك قبل بيتي ، قال يا رب هكذا قضيت من ملك استأثر ، ثم أخذ في بناء المسجد فلما تم السور سقط ثلاثا فشكا ذلك إلى الله عزوجل ، فقال يا داود إنك لا تصلح أن تبني لي بيتا قال ولم يا رب ، قال لما جرى على يديك من الدماء ، قال يا رب أو ما كان ذلك في هواك ومحبتك ، قال بلى ولكنهم عبادي وأنا أرحمهم ، فشق ذلك عليه فأوحى الله إليه لا تحزن فإني سأقضي بناءه على يدي ابنك سليمان ، فلما مات داود أخذ سليمان في بنائه ، ولما تم قرب القرابين وذبح الذبائح وجمع بني إسرائيل ، فأوحى الله إليه قد أرى سرورك ببنيان بيتي ، فسلني أعطك ، قال أسألك ثلاث : خصال ، حكما يصادف حكمك ، وملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ، ومن أتى هذا البيت لا يريد إلا الصلاة فيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أما الثنتان فقد أعطيهما ، وأنا أرجو أن يكون قد أعطى الثالثة» (١).
وانطلاقا من كل هذا ، فإنني أميل ، حدسا عن غير يقين ، إلى أن إبراهيم عليهالسلام ، هو الذي وضع الأسس للمسجد الأقصى ، على أساس أن رواية مسلم إنما تتحدث عن أول مسجد ، وليس أول بيت ، وهي العقبة التي احتج بها صاحب تفسير المنار ، وعلى أساس ما جاء في الأحاديث الشريفة من أن سليمان هو الذي بنى بيت المقدس ، وعلى أساس ما ذهب إليه جمع كبير من المؤرخين من أن سليمان قد بنى المسجد الأقصى بعهد أبيه إليه بذلك ، وعلى أساس أن إبراهيم عليهالسلام ، طبقا لرواية العهد القديم (٢) ، إنما قد زار القدس ، وأنه قد أقام المحاريب لله في فلسطين ،
__________________
(١) تفسير ابن كثير ١ / ٥٨ (ط بيروت ١٩٨٦).
(٢) تكوين ١٢ / ٦ ـ ٩ ، ١٤ / ١٩ ـ ٢٠.