هذا الهدف النبيل من الزيارة ، فيذهبون إلى أن مملكة سليمان إنما كانت في نهاية طريق البخور ، وكان وكلاء سليمان يقومون بالإجراءات الجمركية ، إن صح هذا التعبير ، على البضائع الثمينة ، كما كانوا هم الذين يسمحون للقوافل بالاستمرار في رحلتها إلى مصر وفينيقيا وسورية عبر مملكة سليمان في فلسطين ، ومن ثم فليس من الغريب أن تصل شهرة سليمان إلى ملكة سبأ (١) ، وهكذا «فقد أتت إلى أورشليم بموكب عظيم جدا ، بجمال حاملة أطيابا وذهبا كثيرا جدا ، وحجارة كريمة ، وأتت إلى سليمان وكلمته بكل ما في قلبها» (٢).
والحق كل الحق ، أن القصة كلها إنما تتصل بدعوة النبي سليمان عليهالسلام ، وليس بالملك سليمان ، ولنقرأ أولا هذه الآيات الكريمة التي تصور القصة أصدق تصوير ، يقول تعالى : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ ، لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ ،) فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبإ يقين ، إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ، وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ، ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون ، الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ، قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين ، اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ما ذا يرجعون ، قالت : يا أيها الملأ إني ألقى إلى كتاب كريم ، إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ، ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ، قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ، قالوا
__________________
(١) جواد علي ٢ / ٢٦٣ ، وكذا.W.Keller ,op ـ cit ,p.S ٢١٥ ـ ٢١٣ وكذاJ.Hastings ,op ـ cit ,p. ٨٤٣O.Eissfeldt ,op ـ cit ,p. ٣٩٥٩٣. وكذا
(٢) ملوك أول ١٠ / ٢.