ومن يرى أنها في الفترة (٩٦٠ ـ ٩٢٢ ق. م) (١) ، وهذا ما نميل إليه ونرجحه ، وسنسير عليه في هذه الدراسة.
هذا وكان اختيار سليمان بعد أبيه داود ، عليهماالسلام ، ملكا على بني إسرائيل ، إنما يرجع إلى كفاءته الشخصية ، فهو لم يكن أبدا أكبر أبناء داود الكثيرين ، كما أنه لم يكن حتى أكبر الأبناء الذين ولدوا بعد اعتلاء داود عرش إسرائيل ، وأيا ما كان الأمر ، فلقد خلف سليمان أباه دونما أية صعوبات أو ثورات داخلية ، ثم سرعان ما عمل على القضاء على منافسيه والتخلص من مؤامراتهم ، وما قد يحيكون له من دسائس (٢) ، ثم اتجه بعد ذلك إلى تدعيم عرشه في الداخل ، فاستخدم معظم موارد دولته في تقوية دعائم الحكومة ، وتجميل العاصمة أورشليم ، ومن ثم فقد أقام سليمان كثيرا من الحصون ، كما رمّم القديم منها ، ووضع حاميات في المواقع ذات الأهمية الاستراتيجية ، ليرهب بها الثائرين والغازين على السواء.
ثم عمل سليمان بعد ذلك على القضاء على طموح البطون والعشائر التي كانت تسعى للاستقلال ، ذلك لأن سليمان إنما كان يعرف تماما أن أخطر المشاكل التي واجهت أبوه داود من قبل ، إنما كانت طموح بعض القبائل إلى التمتع بحكم ذاتي ، ولا شك أن هذه الرغبة إنما كانت تتعارض كثيرا مع رغبة سليمان في الحكم المركزي ، ومن ثم فقد ركز كل جهوده في تفتيت أي تحالف يقوم بين هذه القبائل ويهدد الوحدة الإسرائيلية العامة ، وهكذا قسم سليمان مملكته إلى اثنتي عشرة محافظة ، على كل واحدة منها محافظ يتولى الضرائب ، كما فرض على كل محافظة إعاشة الملك وحاشيته وجيشه وخيله شهرا في السنة ، ذلك لأن سليمان كان في حاجة إلى تزويد
__________________
(١) W. F. Albright, The Biblical Period from Abraham to EZRA, N. Y, ١٢٢ ـ ١٢٠.p ، ١٩٦٣.
(٢) ملوك أول ١ / ١ ـ ٥٣ ، ٢ / ٣ ـ ٤٨ ، ٣ / ١٢ ـ ١٣ ، تاريخ الطبري ١ / ٤٨٥ ، الكامل لابن الأثير ١ / ١٢٧ (بيروت ١٩٧٨).