على الطرق التجارية الهامة التي كانت تمر بمملكته ، حتى أصبحت فلسطين قنطرة بين آسيا وإفريقيا ، كما استغل سليمان علاقاته الودية من ناحية ، ومهارته السياسية من ناحية أخرى ، فضلا عن أن حدوده الجنوبية إنما كانت آمنة بسبب صلاته الطيبة بمصر ، هذا إلى أن تحالفه مع «حيرام» ملك صور ، أقوى الأمراء الفينقيين ، قد حمى مواصلات سليمان مع المدن الفينيقية ، وهكذا تمكنت القوافل من السفر ، بصفة دائمة ، من أرض مصر إلى بلاد الرافدين ، ومن فينيقيا إلى الجزيرة العربية ، في أمان وسلام ، وهكذا نجح سليمان عليهالسلام في السيطرة على مصدر الثروة العائد من التجارة (١) ، ولعل الذي دفع سليمان إلى الإتجاه إلى التجارة ، أن فلسطين إنما كانت بلدا زراعيا خاليا من الصناعة مما اضطره أن يحضر الصناع من صور ، والنجارين من جبيل (ببلوس) عند ما بنى بيت المقدس ، كما أن فلسطين لم تكن تملك سلعا للتصدير يمكن أن تقوم عليها تجارة ناجحة ، ولكنه في موقع يمكن التصرف منه كوسيط ، وقد استغل هذا الموقع أحسن استغلال (٢) ، فإلى جانب العمل في التجارة ، فقد عبّدت الطرق وزودت ببعض المحطات ، وهكذا كانت القوافل الآتية من الجزيرة العربية (٣) ، والمحملة بالتوابل ، خاضعة لدفع الرسوم عند ما كانت تمر بتلك الطرق
__________________
(١) H.R.Hall ,op ـ cit ,P. ٤٣٣.
(٢) A.Lods ,op ـ cit ,P. ٣٧٠.
(٣) أهم طرق القوافل هذه طريقان : الأول : الطريق الجنوبي الشمالي : ويبدأ من عدن وقنا في بلاد اليمن وحضرموت ، ثم مأرب إلى نجران فالطائف ثم مكة ويثرب وخيبر والعلا ومدائن صالح ، وهنا ينقسم إلى فرعين ، فرع يتجه إلى تيماء صوب العراق ، ويستمر الفرع الآخر إلى البتراء ثم غزة فالشام ومصر ، وأما الطريق الثاني فهو طريق «جرها ـ البتراء» ويبدأ من الهفوف ثم إلى شمال اليمامة في موقع مدينة الرياض الحالي ، ثم يتجه غربا إلى بريدة ثم حائل ثم تيماء فالبتراء (محمد بيومي مهران : دراسات في تاريخ العرب القديم ـ الرياض ١٩٧٧ ص ١٣٣ ـ ١٣٦).