العربي من الخليج الفارسي (العربي) من الشمال حتى رأس مصندم (١) ، ثم إن هذا يثبت كذلك أن السفن قبل القرن الأول كانت تستطيع عبور باب المندب إلى عدن ، وفي هذا زعزعة لرأي «موريتز» (٢) الذي يرى أن السفن في عصر سليمان كانت أضعف من أن تتجاوز مضيق باب المندب ، وإذن فإن سفن سليمان كانت تستطيع حمل سلع أوفير من ميناء عربي قبل باب المندب ، كميناء «مخا» أو بعده كميناء «عدن» ثم إن انتساب العاج والقرود والطواويس في العربية إلى أصول هندية ، ليس دليلا على أن السلع كانت تستورد من الهند نفسها ، فقد كان باب الاستيراد مفتوحا ، كذلك لا يستطيع الاستدلال على أن أوفير في بلد ما ، بورود أسماء متشابهة لأوفير في هذا البلد ، فكثيرا ما يكون التشابه اللفظي عارضا (٣).
ويناقش الدكتور يعقوب بكر بعد ذلك الاعتراضات التي وجهت إلى هذه النظرية ، ومنها أن ذهب بلاد العرب كان قليلا بالقياس إلى المقادير الهائلة التي كانت تصل منه إلى سليمان ، وأن السنوات الثلاث التي كانت تستغرقها رحلة أوفير ، يستحيل معها أن تكون أوفير في مكان قريب من عصيون جابر ، فهذان الاعتراضات يقومان على أساس التسليم بقصة التوراة عن أوفير حرفيا ، ولكن ألا تجوز المبالغة في هذا المجال الأدبي ، ولا سيما أن الأمر يتعلق بسليمان الذي سارت بذكره الركبان ، والذي كان يحتاج فعلا إلى ذهب كثير لتزيين الهيكل وقصر الملك ، ثم ألا يمكن أن يكون الغرض من المبالغة التوراتية إظهار حملات أوفير ، وكأنها أبهى من حملات الفراعنة إلى «بونت» أو بمنزلتها على الأقل ، وأخيرا فمن المتفق عليه أن نصوص التوراة ليست فوق مظان الشك والريبة.
__________________
(١) E. Glaser, Skizze der Geschichte und Geographis Arabiens, II, P. ٣٧٣ ـ ٣٦٨.
(٢) B.Moritz ,op ـ cit ,P. ٨٩ ـ ٨٦.
(٣) السيد يعقوب بكر : المرجع السابق ص ١٥٦ ـ ١٥٧.