وبدهي أنه ليس هناك «أوفيران» ، أوفير في الجزيرة العربية ، وأوفير في مكان آخر ، كما يزعم البعض (١).
وأما الفضة والعاج والقرود والطواويس ، فالفضة كانت دائما غالية في بلاد العرب ، ولهذا رأى بعض الباحثين أنها مقحمة في النص (٢) ، ولكن من الممكن أنها كانت تستورد إلى أوفير ، والأمر كذلك بالنسبة إلى العاج ، إما من إفريقية القريبة ، وهو الأرجح ، وإما من الهند البعيدة ، وأما القرود فهي مستوردة أيضا ، إلا إذا كان المراد «النسانيس» كما يقول «مونتجمري» (٣) ، وهي ما تزال ترى في مرتفعات اليمن وحضرموت ، وعندئذ فهي سلعة عربية ، وكذلك «الطيوب» التي يجعلها «جلازر» مكان القرود ، سلعة عربية كذلك ، بل هي السلعة التي يتهافت عليها الشرق والغرب ، وكانت مصدر غنى وثروة لعرب الجنوب ، ثم يتبقى بعد ذلك «الطواويس» ، وهي سلعة هندية في الأصل ، فلا بد أن أوفير كانت تستوردهما من الهند ، وإذا صح ما يقوله «نيبور» من أن المراد «العبيد» ، كانت السلعة مستوردة أيضا ، ولكن من إفريقية (٤).
أضف إلى ذلك كله أن هناك ما يثبت أن الاتصال البحري بين شمال البحر الأحمر والهند لم يتم إلا في عصر قريب من القرن الأول الميلادي أو في عصر لا يبعد كثيرا عن القرن الأول ، وفي هذا زعزعة للنظرية الهندية (٥) ، وكذا النظرية «جلازر» والتي تذهب إلى أن أوفير التوراة إنما هي الساحل
__________________
(١) السيد يعقوب بكر : المرجع السابق ص ١٥٠ ـ ١٥٤.
(٢) T.A.Rickard ,Man and Metals ,I ,N.Y , ٢٦٧.p ، ١٩٣٢.
(٣) J.Montgomery ,op ـ cit ,P. ٣٩.
(٤) السيد يعقوب بكر : المرجع السابق ص ١٥٤ ـ ١٥٥.
(٥) CAH ,I ,P.٢١٢ وكذاC.Renan ,op ـ cit ,P. ١٢٢ ـ ١١٩ وكذاJ.Hornell ,Antiquity , ٢٤٤.p ، ١٩٤١ ، ١٥ ، Antiauity , ٧٣ ـ ٧٢.p ، ١٩٤٧.