قبل الإسلام ، ولعله من المناجم التي أرسلت الذهب إلى سليمان (١).
وهكذا كان من الطبيعي أن يطلب سليمان الذهب في بلاد العرب ، وليس في مكان أقصى كالهند وإفريقية ، وكان من الطبيعي أيضا أن يطلبه في الجانب الجنوبي الغربي من بلاد العرب ، لأنه أقرب أجزائه إليه ، وبخاصة في «بيشة» وفي «خنكان» وفي المنطقة ما بين القنفذة ومرسى حلج ، فضلا عن «وادي تثليت» على مقربة من «حمضة» ، وعلى مبعدة ١٨٣ ميلا من نجران (٢) ، وربما قد حدث ذلك بعد إسلام ملكة سبأ ، في أغلب الظن.
وكان أمام سليمان للوصول إلى ذهب بلاد العرب طريقان ، طريق البر عبر الصحراء ، وطريق البحر على طول ساحل البحر الأحمر ، ولكنه آثر الطريق البحري ، رغم أن قومه كانوا أهل زراعة ورعي ، لم يتمرسوا بالبحار ، ذلك لأن طريق البر جد شائق وقد تزيد نفقاته على طريق البحر ، وثمة سبب آخر دعا سليمان إلى اختيار طريق البحر هو أنه أراد أن يشرك معه حليفه «حيرام» ملك صور ، رغبة في الانتفاع بمهارة الفينيقيين في الملاحة ، وربما بإلحاح من حيرام نفسه ، وأيا كان السبب ، فإن الجانب الجنوبي الغربي من بلاد العرب ، إنما كان المصدر الذي استقى منه سليمان الذهب ، وكان الذهب أهم السلع التي كانت تجلب من أوفير ، ثم يلي الذهب في الأهمية بين سلع أوفير ، خشب الصندل والحجارة الكريمة وهما سلع عربية كذلك ، هذا فضلا عن أن التوراة (٣) إنما تعد «أوفير» من أبناء يقطان (قحطان في جنوب بلاد العرب) تضعه بين سبأ وحويلة ، و «أوفير بن يقطان» هذا (أي شعب أوفير القحطان) هو الشعب الذي يسكن أرض «أوفير» ،
__________________
(١) جواد علي ١ / ١٩٣ ، وكذاR.H.Sanger ,The Arabian Peninsula ,Cornell , ٢٣ ، ٢٠.p ، ١٩٥٤.
(٢) K.S.Twitchell ,Sudi Arabia With an Account وكذاB.Moritz.op ـ cit ,P. ١١٠ of Dvelopment of its Natural Recources, Princeton, ٧٧.p ، ١٩٤٣.
(٣) تكوين ١٠ / ٢٩.