الجنوبيون ، من المواني الساحلية ، فأرسل سليمان سفنه إلى موضع بيعه في سواحل بلاد العرب لشرائه ، ومن هنا ظن كتاب التوراة أن أوفير على ساحل البحر ، والحفير كما يبدو اسم قريب جدا من أوفير (١) ، وأخيرا فهناك من يرى أن «أوفير» معناها «الأرض الحمراء» (أي الحمراء بلون الذهب) ، وأنها لم تكن علما على بلد بعينه ، وإنما كانت اسم جنس ينطبق على بلاد عدة كاليمن وشرق إفريقية وغرب الهند (٢).
هذا وقد قدم لنا الأستاذ الدكتور السيد يعقوب بكر ، دراسة عليمية جادة عن موقع أوفير ، ناقش فيها كل النظريات المختلفة وخلص منها إلى أن الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية هو مكان «أوفير» (٣) ، فقد كانت بلاد العرب موطنا للذهب الأمر الذي شاع بين الكتاب القدامى من الأغارقة والرومان ، حتى أنهم يذهبون إلى أنه كان يستخرج في مواضع معينة منها ، خالصا نقيا لا يعالج بالنار لاستخلاصه من الشوائب الغريبة ولا يصهر لتنقيته ، ولهذا قيل له «Apyron» ومن ثم فقد ذهب بعض العلماء المحدثين إلى أن العبرانيين إنما قد أخذوا لفظة «أوفير» من «أبيرون» (Apyron) هذه (٤) ، وقد عثر في «مهد الذهب» ، ويقع شمالي المدينة المنورة ، على أدوات استعمالها القدامى في استخراج الذهب واستخلاصه من شوائبه مثل رحى وأدوات تنظيف ومدقات ومصابيح ، فضلا عما تركه القوم من آثار في حفر العروق التي يتكون منها الذهب ، مما يدل على أن الموقع كان منجما للذهب في عصور ما
__________________
(١) الهمداني : صفة جزيرة العرب ص ١٥٣ ، جواد علي : المرجع السابق ١ / ٦٣٩ ـ ٦٤٠.
(٢) J. Hornell, Navalactivity in the day of Soloman and Ramses, III, Antiquity, ـ ٢٣٩.p ، ١٩٤٧ ، ٢١J.Hormell ,Sea ـ Trade in Early Times ,Antiquity , ٣٦٤ ـ ٣٦١.p ، ١٩٤١ ، ١٥. وكذا
(٣) السيد يعقوب بكر : أوفير ص ١١٦ ـ ١٩٠ (من كتاب فضلو حورابي ـ العرب والملاحة في المحيط الهندي ـ القاهرة ١٩٥٨).
(٤) J.A.Montgomery ,Arabia and the Bible , ٣٩.p ، ١٩٣٤.