يهوذا وإسرائيل ، وذلك بسبب عودة «هدد» أمير أدوم من مصر واستقلاله بدولته ، وبسبب «رصين» الذي أقام مملكة في دمشق وقضى على نفوذ إسرائيل فيها ، وبسبب حالة الانتعاش في مصر والتي صاحبت عهد سليمان ، فذلك رأي بالغ أصحابه فيه كثيرا ، فضلا عن اعتمادهم في الدرجة الأولى على التوراة ، فيما يتصل بهدد ورصين ، والتوراة كما هو معروف ، مصدر غير موثوق فيه ، وأقل ما يوصف به أنه نص محرف (١) ، ومن ثم فلا يمكن الاعتماد عليه ، ما لم تؤيده مصادر أخرى ، وهذا ما لم يثبت حتى الآن ، ثم إن كل الدلائل ، الدينية والتاريخية ، تشير إلى أن سليمان قد مكّن له ، كما مكّن لأبيه من قبل ، وأما الانتعاش المصري والرغبة في إعادة السيادة المصرية على غربي كنعان ، فأدلة أصحاب هذا الرأي تعتمد على آثار تشير إلى حملات مصرية ضد الفلسطينيين الهند وأوربيين ، والذين كانوا يسكنون المنطقة ما بين يافا وغزة على ساحل البحر المتوسط ، وليس هناك دليل واحد يشير إلى حملات مصرية ضد مملكة سليمان ، بل إن الأدلة كلها تشير إلى علاقات ودية بين مملكة سليمان ومصر ، وأن فرعون كان حريصا على أن لا يفسد العلاقات الودية بينه وبين صهره سليمان ملك إسرائيل ، كما رأينا من قبل ، وأما حملة «شيشنق» على فلسطين ، والتي يعتبرها البعض دليلا على ضعف مملكة سليمان ، فيكفي القول إن هذه الحملة كانت بعد موت سليمان بأعوام خمسة ، ومن ثم فهي غير ذي موضوع بالنسبة لعهد سليمان ، كما أنها كانت بعد انقسام مملكة سليمان بين ولده رحبعام والثائر يربعام.
وأما ما ذهب إليه «برستد» من أن سليمان كان واليا تحت النفوذ المصري (٢) ، فيكذبه أن صاحبه لم يقدم دليلا واحدا على صحته ، وهي
__________________
(١) أنظر : سورة البقرة آية ٧٩ ، ١٥٩ ، آل عمران : آية ٧٨ ، النساء : آية ٤٦ ، المائدة ١٣ ، ١٥ ، محمد بيومي مهران : إسرائيل ٣ / ١٣٦ ـ ٣٧٩.
(٢) J.H.Breasted ,A History of Egypt ,N.Y , ٥٢٩.p ، ١٩٤٦.