سقطة لا شك فيها من المؤرخ الكبير ، كما أن مصر على أيام سليمان لم يكن لها نفوذ في فلسطين من أي نوع ، والأهم من ذلك كله : هل يقبل عاقل أن يكون نبيّ ، أي نبيّ ، تابعا لملك كافر ، ولما ذا يتبعه ، هل ليكون ملكا على فلسطين ، ولكن ما قيمة ملك فلسطين ، بجانب شرف النبوة ، فما بالك إذا كان هذا النبي هو سليمان ، الذي وهبه الله ، بجانب النبوة ، ملكا لا ينبغي لأحد بعده ، الهم إنا نبرأ من قول كهذا ، ونسألك أن تلهمنا جانب الصواب والأدب مع أنبيائك ورسلك ، وأن تحمينا من أن ننساق ، دون أن ندري ، في تيار كتبة التوراة ، أو في تيار قلة من المؤرخين المحدثين ممن يلقون التهم جزافا على سيدنا سليمان عليهالسلام ، وبدهي أن خضوع سليمان النبي لفرعون من الفراعين تهمة لا شك فيها ، نبرأ إلى الله منها ، وأخيرا فإن أصحاب هذا الرأي تسقط كل حججهم بالرجوع إلى قصة سليمان مع ملكة سبأ ، كما جاءت في القرآن الكريم ، فإن الذي يهدد ملكة سبأ ، أعظم دول الجزيرة العربية ، وهي بعيدة عن مملكة سليمان بآلاف الكيلومترات ، لا يمكن بحال من الأحوال ، أن تكون دولته ضعيفة ، يهددها أمثال أمير أدوم أو دمشق أو غيرهم من النكرات التي كانت تعيش في سورية وفلسطين تحت ظلال دولة سليمان ، ثم إن سليمان الذي سخر الله له طائفة من الإنس والجن والطير والشياطين ، لن يعجز عن جماع قوم من ضعاف المشركين ، ولا ريب في أن من سخر له من يأتيه بعرش ملكة سبأ قبل أن يرتد إليه طرفه ، يمكن أن يسخر له ، ما يستطيع به القضاء على كل أعدائه.
وأما أصحاب الرأي الذي يعطي سليمان عليهالسلام ملكا واسعا ، ربما بغير حدود ، ويجعل عاصمته في «اصطخر» ويملكه بلاد اليمن ، فأما عن «اصطخر» فليت الذين ذهب بهم الخيال إلى هذا الحد يعرفون أن اصطخر لم يبدأ الفرس في بنائها إلا حوالي عام ٥٢٠ ق. م ، على أيام دارا الأول (٥٢٢ ـ ٤٨٦ ق. م) ، ولم يتم البناء إلا في عهد «أرتخششتا الأول» ،