رواية إلى أنها كانت ثماني عشرة سنة ، روى ابن شهاب عن أنس قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن أيوب بقي في البلاء ثماني عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان ويروحان إليه ، فقال أحدهما للآخر ذات يوم : والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين ، فقال له صاحبه : وما ذاك ، فقال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمهالله تعالى ولم يكشف ما به ، فلما راحا إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك لأيوب عليهالسلام ، فقال أيوب : ما أدري ما تقولان ، غير أن الله تعالى يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكر إن الله عزوجل فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حق» (١) ، وذهبت رواية أخرى عن الحسن البصري قال : مكث أيوب عليهالسلام بعد ما ألقى على الكناسة سبع سنين وأشهر ، ولم يبق له مال ولا ولد صديق ، غير امرأته رحمة صبرت معه ، وكانت تأتيه بالطعام وتحمد الله تعالى مع أيوب ، وكان أيوب مواظبا على حمد الله تعالى والثناء عليه والصبر على ما ابتلاه ، وفي رواية ثالثة قال الضحاك ومقاتل بقي في البلاء سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات ، وقال وهب في رواية رابعة بقي في البلاء ثلاث سنين ، بل إن هناك رواية خامسة تذهب إلى أن البلاء بقي ثلاث عشرة سنة (٢).
ويذهب المفسرون إلى أن شدة البلاء وصلت إلى أن ألقى به في كناسة خارج القرية لا يقربه أحد إلا زوجته ، وقد تنكر الناس له ، حتى الذين آمنوا به ، وكانوا ثلاثة (٣) ، لما رأوا ما نزل به من البلاء رفضوه واتهموه من
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ٢٢ / ٢٠٥ ، وانظر : تفسير الطبري ٢٣ / ١٦٧ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٦٠ ، تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ٢١٤.
(٢) تفسير الطبري ١٧ / ٧٠ ، تفسير روح المعاني ١٧ / ٨٠ ، تفسير الفخر الرازي ٢٢ / ٢٠٦ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٣٠١.
(٣) قال النسفي في تفسيره (٤ / ٤٣) : روى أنه كان يعوده ثلاثة من المؤمنين فارتد أحدهم فسئل عنه فقيل : ألقى الشيطان أن الله لا يبتلي الأنبياء والصالحين.