بدليل قول الكاتب في مستهل السفر «رجل في أرض عوص» (١) ، فضلا عن الإشارة إليه في سفر حزقيال (٢) ، على أن فريقا رابعا ، ومنهم موسى بن ميمون وبعض الأحبار ، أنما يحسبون سفر أيوب هذا مجرد قصة روائية للموعظة فحسب (٣) ، وبدهي أن هذا ليس صحيحا ، فصاحب السفر هو نبيّ الله أيوب عليهالسلام ، وقصته صادقة ، الصدق كل الصدق ، كما أخبرنا القرآن الكريم وحديث المصطفى صلىاللهعليهوسلم.
ويذهب الحبر اليهودي «إبراهام بن عزار» (١٠٩٢ ـ ١١٦٧ م) ، ويوافقه سبينوزا وغيره ، إلى أن سفر أيوب إنما قد ترجم إلى العبرية من لغة أخرى (٤) ، بل إن الترجمة السبعينية (٥) للتوراة أنما تنص صراحة على أن السفر مترجم عن السريانية (الآرامية) (٦) ، ومن هنا اتجه البعض إلى اعتبار أيوب عليهالسلام ، عربيا ، وليس يهوديا ، وأن سفره هذا ما هو إلا ترجمة لأصل عربي مفقود (٧) ، ولعل الأديب الفرنسي «فرنسوا فولتير» (١٦٩٤ ـ ١٧٧٨ م) كان أول من نادى في العصر الحديث بأن أيوب وسفره أقدم من التوراة ، وأن العبريين قد أخذوه عن العرب وترجموه إلى لغتهم ، ويستدل على ذلك بأدلة ، منها (أولا) أن اسم الشيطان الذي يشغل مكانا رئيسيا في السفر ، ليس كلمة عبرية ، بل كلدانية ، ومنها (ثانيا) أن أصدقاء أيوب إنما
__________________
(١) أيوب ١ / ١.
(٢) حزقيال ١٤ / ١٤.
(٣) سبينوزا : المرجع السابق ص ٣١٥.
(٤) فؤاد حسنين : المرجع السابق ص ١٤٤.
(٥) أنظر عن الترجمة السبعينية للتوراة (محمد بيومي مهران : إسرائيل ٣ / ١٠٧ ـ ١١٢).
(٦) فؤاد حسنين : المرجع السابق ص ١٤٤.
(٧) D. D. Margoliouth, The Relations between Arabs and Israelities Prior to the Rise of Islam, London, ٣٠.p ، ١٩٢٤ وكذاF.Foster ,AJSL , ٣١.p ، ١٩٣٢ وكذا J. A. Montgomery, Arabia and the Bible, Philadelphia, ١٧٢.p ، ١٩٣٤ وكذاM.F.Unger ,op ـ cit ,P. ٥٩٣.