زكاة لمن قبل منه حتى يكونوا أزكياء ، وثالثها : زكيناه بحسن الثناء ، كما تزكي الشهود الإنسان ، ورابعها : عن الكلبي : صدقة تصدق الله تعالى بها على أبويه ، وخامسها : بركة ونماء ، وهو الذي قاله عيسى عليهالسلام (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ).
ومنها (خامسا) : وكان تقيا : أي كان موصولا بالله ، متحرجا معه ، مراقبا له يخشاه ويستشعر رقابته عليه في سره ونجواه وأولى الناس بهذا الوصف من لم يعص الله ولا يهم بمعصيته ، وكان يحيى عليهالسلام كذلك ، وقد سبق أن أشرنا إلى عدة أحاديث تدل على ذلك ، ومنها قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما من أحد يلقي الله يوم القيامة إلا أذنب ، إلا يحيى بن زكريا» ، وأخرج الأئمة مالك وأحمد في الزهد وعبد الله بن المبارك وأبو نعيم عن مجاهد قال : كان طعام يحيى بن زكريا عليهماالسلام العشب وإنه كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان القار على عينيه لخرقه ، وقد كانت الدموع اتخذت مجرى في وجهه» (١).
ومنها (سادسا) : وبرا بوالديه : كان يحيى برا بوالديه مسارعا في طاعتهما ومحبتهما ، غير عاق بهما ، وذلك لأنه لا عبادة بعد تعظيم الله تعالى مثل تعظيم الوالدين ، ولهذا السبب قال تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) (٢).
__________________
(١) تفسير الطبري ١٦ / ٥٨ ، تفسير روح المعاني ١٦ / ٧٣.
(٢) سورة الإسراء : آية ٢٣ ، هذا وقد جاء في بر الوالدين كثير من الأحاديث الشريفة ، منها ما روي الإمام أحمد بسنده عن أنس وغيره أن النبي صلىاللهعليهوسلم صعد المنبر ثم قال : آمين آمين آمين ، قيل يا رسول الله علام ما أمنت ، قال أتاني جبريل فقال يا محمد ، رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليك ، قل آمين ، فقلت آمين ، ثم قال رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم خرج فلم يغفر له ، قل آمين فقلت آمين ، ثم قال رغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة ، قل آمين فقلت آمين» (مسند الإمام أحمد ٤ / ٣٤٤) ، وروى الإمام أحمد في