وأقوم بها ، وأن الأنثى لا تصلح في بعض الأحوال لدخول القدس والقيام بخدمة الكنيسة لما يعترضها من الحيض والنفاس (١) ، ومن ثم فإن النذر للمعابد لم يكن معروفا إلا للصبيان ليخدموا الهيكل ، وينقطعوا للعبادة والتبتل ، ولكن «حنة» رزقت بأنثى ، ومن ثم فهي تتوجه إلى ربها في نغمة أسيفة : (رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ ، وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ ، وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (٢) ، وهكذا تودع الأم هديتها بين يدي ربها وتدعها لحمايته ورعايته ، وتعيذها به وذريتها من الشيطان الرجيم ، وهذه كلمة القلب الخالص ، ورغبة القلب الخالص ، فما تود لوليدتها أمرا خيرا من أن تكون في حياطة الله من الشيطان الرجيم (٣).
واستجاب الله لها فأعاذها الله وذريتها من الشيطان الرجيم ، فلم يجعل له عليها سبيلا ، أخرج الشيخان ، البخاري ومسلم عن أبي هريرة أنه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من مولد يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد ، فيستهل من مسه صارخا ، إلا مريم وابنها» ، وفي رواية : «ما من ولد يولد ، إلا يمسه الشيطان فيستهل صارخا من مسّة الشيطان ، إلا مريم وابنها» ، ثم يقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم : «وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم» (٤) ، وهكذا قبل الله تعالى نذر حنة ، قال تعالى : (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً
__________________
المشتركات في الأعياد (أنظر : A. Bertholet, Histoire de la Civilisation d\'Israel, Paris, ٣٥٦.p ، ١٩٢٩) A.Lods ,op ـ cit ,P. ٤٤٩ ـ ٤٤٨. وكذا.
(١) تفسير الطبري ٣ / ٢٣٧.
(٢) سورة آل عمران : آية ٣٦.
(٣) في ظلال القرآن ١ / ٣٩٢ ـ ٢٩٣ (بيروت ١٩٨٢).
(٤) صحيح البخاري ٦ / ٤٢ ، صحيح مسلم ٧ / ٩٦ ـ ٩٧ ، وانظر روايات أخرى للحديث الشريف في : تفسير الطبري ٣ / ٢٣٨ ـ ٢٤٠ ، تفسير روح المعاني ٣ / ١٣٧ ، تفسير ابن كثير ١ / ٥٣٨ ـ ٥٣٩ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٦٨ ـ ١٦٩.