زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (١) ، روى الطبري عن السّدى قال : جعلها زكريا معه في بيت ، وهو المحراب ، فكان يدخل عليها في الشتاء ، فيجد عندها فاكهة الصيف ، ويدخل في الصيف فيجد عندها فاكهة الشتاء ، وعن ابن عباس قال : وجد عندها ثمار الجنة ، فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف (٢).
وروى الحافظ أبو يعلي عن جابر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أقام أياما لم يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه فلم يجد عند واحدة منهن شيئا ، فأتى فاطمة فقال : يا بنية هل عندك شيء آكله فإني جائع ، فقالت : لا ، بأبي أنت وأمي ، فلما خرج من عندها ، بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم ، فأخذته منها فوضعته في جفنة لها ، وقالت : والله لأوثرن بهذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على نفسي ومن عندي ، وكانوا جميعا محتاجين إلى شعبة طعام ، فبعثت حسنا أو حسينا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرجع إليها ، فقالت : بأبي أنت وأمي ، قد أتى الله بشيء فخبأته لك ، قال : هلمي يا بنية ، قالت فأتيته بالجفنة ، فكشفت عنها ، فإذا هي مملوءة خبزا ولحما ، فلما نظرت إليها بهت وعرفت أنها بركة من الله ، فحمدت الله وصليت على نبيه ، وقدمته إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما رآه حمد الله وقال : من أين لك هذا يا بنية ، قالت يا أبت : «هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب» ، فحمد الله وقال : الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل ، فإنها كانت إذا رزقها الله شيئا وسئلت عنه قالت : هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى عليّ ، ثم أكل رسول
__________________
(١) سورة آل عمران : آية ٣٧.
(٢) تفسير الطبري ٣ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦ (بيروت ١٩٨٤).