جميعا ، وتدرك يد القدرة الطليقة التي تخلق النواميس ، ولكنها لا تحتبس داخل النواميس (١).
وأما الربوة المشار إليها في الآية الكريمة ، فقد اختلفت الروايات في تحديدها ، بين مصر ودمشق وبيت المقدس (٢) ، ورغم أنه ليس المهم تحديد موضعها ، وإنما المقصود هو الإشارة إلى إيواء لمريم وابنها في مكان طيب ، ينضر فيه النبت ، ويسيل فيه الماء ، ويجدان فيه الرعاية والإيواء (٣) ، وعلى آية حال ، فلقد ذهبت رواية الإنجيل إلى أنها مصر (٤) ، وإلى هذا ذهب الطبري في التاريخ (٥) ، وكذا ابن خلدون الذي يرى أنهما أقاما بمصر اثنى عشر سنة (٦) ، وكذا ابن كثير الذي يروي عن وهب بن منبه أن عيسى لما بلغ ثلاث عشرة سنة أمره الله أن يرجع من بلاد مصر إلى بيت إيليا (بيت المقدس) فقدم عليه يوسف ابن خال أمه ، فحملها على حمار حتى جاء بهما إلى إيليا ، وأقام بها حتى أحدث الله له الإنجيل وعلمه التوراة وأعطاه إحياء الموتى وإبراء الأسقام والعلم بالغيوب مما يدخرون في بيوتهم ، وتحدث الناس بقدومه وفزعوا لما كان يأتي من العجائب فجعلوا يعجبون منه ، فدعاهم إلى الله ففشا فيهم أمره (٧) ، وكذا ذهب اليعقوبي وابن الأثير في تاريخهما ، والألوسي في تفسيره ، إلى أنها مصر (٨).
__________________
(١) في ظلال القرآن ٤ / ٢٣٩٥.
(٢) أنظر : تفسير الطبري ١٨ / ٢٦ ـ ٢٨ ، تفسير روح المعاني ١٨ / ٣٧ ـ ٣٩ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٣٩٤ ـ ٣٩٥ ، تفسير النسفي ٣ / ١٢١ ، تفسير الفخر الرازي ٢٣ / ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٣) في ظلال القرآن ٤ / ٢٤٦٩.
(٤) إنجيل متى ٢ / ١٣ ـ ١٥.
(٥) تاريخ الطبري ١ / ٥٩٧.
(٦) تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٧٢.
(٧) ابن كثير : البداية والنهاية ٢ / ٧٧.
(٨) تاريخ اليعقوبي ١ / ٦٩ ، الكامل لابن الأثير ١ / ١٧٨ ، تفسير روح المعاني ١٨ / ٣٨ ـ ٣٩.