مجاهد : الأكمة هو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل ، فهو يتكمه ، وعن عكرمة أنه الأعمش ، وأما الأبرص فهو الذي به الوضع المعروف ، يقول الإمام الطبري : وإنما أخبر الله تعالى عن عيسى عليهالسلام أنه يقول ذلك لبني إسرائيل ، احتجاجا منه بهذه العبر والآيات عليهم في نبوته ، وذلك أن الأكمة والأبرص لا علاج لهما ، فيقدر على إبرائه ذو طب بعلاج ، فكان ذلك من أدلته على صدق قيله إنه لله رسول لأنه من المعجزات مع سائر الآيات التي أعطاه الله إياها دلالة على نبوته ، وأما ما قاله عكرمة من أن الكمه هو العمش ، وما قاله مجاهد من أنه سوء البصر بالليل ، فلا معنى لهما ، لأن الله لا يحتج على خلقه بحجة تكون لهم السبيل إلى معارضته فيها ، ولو كان ما احتج به عيسى على بني إسرائيل في نبوته أنه يبرئ الأعمش أو الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل لقد روا على معارضته بحجة أن فيهم خلقا يعالجون ذلك ، وليسوا لله أنبياء ورسلا ، هذا وزعم وهب أنه ربما اجتمع على عيسى من المرضى في الجماعة الواحدة خمسون ألفا ، من أطاق منهم أن يبلغه بلغه ، ومن لم يطق منهم ذلك أتاه عيسى يمشي إليه ، وإنما كان يداويهم بالدعاء إلى الله (١).
ثالثا : إحياء الموتى بإذن الله : ـ
قيد الله الإحياء بالإذن ، كما فعل في المعجزات السابقة ، لأنه خارق عظيم يكاد يتوهّم منه ألوهية فاعلة ، لأنه ليس من جنس أفعال البشر ، وكان إحياء عيسى الموتى بدعاء الله ، يدعو لهم فتستجاب له ، قال الكلبي : كان عيسى عليهالسلام يحيي الأموات ، بيا حي يا قيوم ، وأحيا عازر وكان صديقا له ، ودعا سام بن نوح من قبره فخرج حيا ، ومرّ على ابن ميت لعجوز فدعا الله فنزل عن سريره حيا ، ورجع إلى أهله وولد له (٢).
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ٨ / ٥٧ ، تفسير روح المعاني ٣ / ١٦٩ ، تفسير الطبري ٣ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨.
(٢) تفسير روح المعاني ٣ / ١٦٩ ، تفسير الفخر الرازي ٨ / ٥٧.