مخلوق لله ، ومن قائل : إنه ابن الله ، وليس مخلوقا ، بل له صفة القدم كالأب.
ولتصفية هذه الخلافات عقد «مجمع نيقية» عام ٣٢٥ م الذي اجتمع فيه ثمانية وأربعون ألفا من البطارقة والأساقفة ، وقد اختار المجمع مقالة من كانوا يقولون بألوهية المسيح ، وهي مقالة «بولس الرسول» ومقالة الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا ، وقد اختار الإمبراطور الروماني «قسطنطين» (٣٠٦ ـ ٣٣٧ م) (١) هذا الرأي وسلط أصحابه على مخالفيهم وشرد أصحاب سائر المذاهب ، خاصة القائلين بألوهية الأب وحده ، وناسوتية المسيح ، وقد ذكر صاحب كتاب تاريخ الأمة القبطية عن هذا القرار : إن الجامعة المقدسة والكنيسة الرسولية تحرم كل قائل بوجود زمن لم يكن ابن الله موجودا فيه ، وأنه لم يوجد قبل أن يولد ، وأنه وجد من لا شيء ، أو من يقول : إن الابن وجد من مادة أو جوهر غير جوهر الله الأب ، وكل من يؤمن أنه مخلوق أو من يقول إنه قابل للتغيير ويعتريه ظل دوران» ، ولكن هذا المجمع بقرارته لم يقض على نحلة الموحدين أتباع «آريوس» وقد غلبت على القسطنطينية وأنطاكية وبابل والاسكندرية ومصر.
ثم سار خلاف جديد حول «روح القدس» فقال بعضهم هو «إله» وقال آخرون ليس بإله ، فاجتمع مجمع القسطنطينية الأول عام ٣٨١ م ، وفيه تقررت ألوهية روح القدس ، كما تقررت ألوهية المسيح في مجمع نيقية عام
__________________
(١) يذهب البعض إلى أن قسطنطين لم يعترف بالمسيحية كديانة رسمية فحسب ، بل إنه هو نفسه اعتنق المسيحية في عام ٣١٢ م ، بينما يذهب آخرون إلى أنه بقي وثنيا طوال حياته ، ولم يتقبل النصرانية إلا على فراش المرض ، وقد بنت أمه «هيلانة» كنيسة القيامة في القدس عام ٣٢٦ م نتيجة اعتقاد خاطئ أن جثمان المسيح دفن في مكان هذه الكنيسة ثم رفع إلى السماء (عمر كمال توفيق : تاريخ الامبراطورية البيزنطية ص ٢٩ ، فيلب حتى : المرجع السابق ص ٣٨٧ ثم قارن Euselius ,BK ,IX ,Ch. ٢ ، ٩. وكذاSozomenus ,BK.I.Ch.٤