٣٢٥ م ، وتم الثالوث من الأب والابن والروح القدس.
ثم ثار خلاف آخر حول طبيعة المسيح الإلهية وطبيعته الإنسانية ، أو اللاهوت والناسوت كما يقولون ، فقد رأى «نسطور» بطريرك القسطنطينية أن هناك أقنوما وطبيعة ، فأقنوم الألوهية من الأب وتنسب إليه ، وطبيعة الإنسان وقد ولدت من مريم ، فمريم أم الإنسان في المسيح ، وليست أم الإله ، ويقول في المسيح الذي ظهر بين الناس وخاطبهم ، كما نقله عنه ابن البطريرق ، ثم يقول : «إن نسطور ذهب إلى أن ربنا يسوع المسيح لم يكن إلها في حد ذاته ، بل هو إنسان مملوء من البركة والنعمة ، أو هو ملهم من الله ، فلم يرتكب خطئة وما أتى أمرا إدّا» ، وخالفه في هذا الرأي أسقف روما وبطريرك الاسكندرية وأساقفة أنطاكية فاتفقوا على عقد مجمع رابع ، وانعقد مجمع «أفسس» عام ٤٣١ م ، وقرر : «أن مريم العذراء والدة الله ، وأن المسيح إله حق وإنسان ، معروف بطبيعتين ، متوحد في الأقنوم» ، ولعنوا نسطور.
ثم خرجت كنيسة الاسكندرية برأي جديد ، انعقد له «مجمع أفسس الثاني» الذي قرر «أن المسيح طبيعة واحدة ، اجتمع فيها اللاهوت والناسوت» ، ولكن هذا الرأي لم يسلم ، واستمرت الخلافات الحادة ، فاجتمع مجمع «خلقدونية» عام ٤٥١ م ، وقرر : «أن المسيح له طبيعتان لا طبيعة واحدة ، وأن اللاهوت طبيعة وحدها ، والناسوت طبيعة وحدها ، التقتا في المسيح» ، ولعنوا مجمع أفسس الثاني ، ولم يعترف المصريون بقرار هذا المجمع ، ووقعت بين المذهب المصري «المنوفيسية» والمذهب «الملوكاني» الذي تبنته الدولة البيزنطية ما وقع من الخلافات الدامية (١).
__________________
(١) في ظلال القرآن ٢ / ٨٦٤ ـ ٨٦٦ ، محمد أبو زهرة : محاضرات في النصرانية ص ١٢٧ ـ ١٤٩ (القاهرة ١٩٦٦).