القاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك ، فخلا بعضهم ببعض وتصادقوا فيما بينهم ، قال السيد للعاقب : قد والله علمتم أن الرجل نبي مرسل ، ولئن لاعنتموه أنه لاستئصالكم ، وما لاعن قوم نبيّا قط ، فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، فإن أنتم لم تتبعوه وأبيتم ، إلا إلف دينكم ، فوادعوه وارجعوا إلى بلادكم ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن أنا دعوت فأمنوا أنتم ، فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية» ، وروي أن أسقف نجران لما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مقبلا ، ومعه علي والحسنان وفاطمة ، رضياللهعنهم ، قال : يا معشر النصارى ، إني لأرى وجوها ، لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله ، فلا تباهلوا وتهلكوا» ، وفي التفسير الكبير أن سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج وعليه مرط من شعر أسود ، وكان قد احتضن الحسين ، وأخذ بيد الحسن ، وفاطمة تمشي خلفه ، وعلي رضياللهعنه ، خلفها ، وهو يقول : «إذا دعوت فأمنوا ، قال أسقف نجران : يا معشر النصارى : إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة» (١).
ولا ريب أن هذه القصة أوضح دليل على نبوته صلىاللهعليهوسلم ، قال أبو حيان في البحر : وفي ترك النصارى الملاعنة لعلمهم بصدقه شاهد عظيم على صحة نبوته صلىاللهعليهوسلم (٢) ، كما أن في دلالتها على فضل آل الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، أي أهل البيت ، مما لا يمتري فيها مؤمن (٣) ، كما تدل على أن الحسن والحسين عليهماالسلام كانا ابني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعد أن يدعو أبناءه ، فدعا الحسن والحسين ، فوجب أن يكونوا أبنية ، ومما يؤكد هذا قوله تعالى في سورة
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ٨ / ٨٠ ، تفسير روح المعاني ٣ / ١٨٨ ـ ١٨٩.
(٢) تفسير البحر المحيط ٢ / ٤٨٠.
(٣) تفسير روح المعاني ٣ / ١٨٩.