وبين المسلمين بشأن المسيح عليهالسلام ، فالقرآن الكريم إنما ينفي قصة صلب المسيح وقتله تماما ، قال تعالى : (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ ، وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ، وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ، إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ ، وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (١) ، وقال تعالى : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ، وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ، ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٢) ، هذا وقد كشف إنجيل برنابا هذه الأسطورة ، فجاء فيه ، على لسان المسيح ، «فلما كان الناس دعوني الله وابن الله ، على أني كنت بريئا في العالم ، أراد الله أن يهزأ الناس بي في هذا العالم بموت يهوذا ، معتقدين أنني أنا الذي مت على الصليب لكيلا تهزأ الشياطين بي في يوم الدينونة ، وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله ، الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله».
وهذا النص يشير إلى أمرين ، الواحد : أن الذي صلب إنما هو «يهوذا الإسخريوطي» ، الذي خان السيد المسيح ودل عليه أعداءه حين قبله ، ولذا نطق المسيح بمثله المشهور «يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن الإنسان» (٣) ، وأن المسيح عليهالسلام لم يحاكم ولم يصلب ولم يرقد في قبر ، ولم يقم من بين
__________________
(١) سورة النساء : آية ١٥٧ ـ ١٥٨ ، وانظر : تفسير الطبري ٦ / ١٢ ـ ١٨ ، صفوة التفاسير ١ / ٣١٦ ، تفسير البيضاوي ١ / ١٤١ ـ ١٤٢ ، تفسير ابن كثير ١ / ٨٧٢ ـ ٨٨٩ ، التسهيل لعلوم التنزيل ١ / ١٦٣ ، في ظلال القرآن ٢ / ٨٠١ ـ ٨٠٣ ، تفسير روح المعاني ٦ / ١٠ ـ ١٣ ، تفسير النسفي ١ / ٢٦١ ـ ٢٦٣.
(٢) سورة آل عمران : آية ٥٥ ، وانظر : تفسير الفخر الرازي ٨ / ٦٧ ـ ٧٠ ، تفسير ابن كثير ١ / ٥٤٨ ، في ظلال القرآن ١ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤ ، تفسير الطبري ٣ / ٢٨٩ ـ ٢٩٣ ، تفسير روح المعاني ٣ / ١٧٩ ـ ١٨٤ ، تفسير النسفي ١ / ١٦٠.
(٣) أنظر : إنجيل لوقا ٢٢ / ١ ـ ٧١.