الزمان ، فإنه لا يكون بذلك منكر لما ثبت بدليل قطعي ، فلا يخرج عن إسلامه وإيمانه.
ثم أورد بعد ذلك رأي الأستاذ الإمام محمد عبده ، وتلميذه الأستاذ محمد رشيد رضا (في الجزء العاشر من المجلد ٢٨ من مجلة المنار) والذي قال فيه : وجملة القول أنه ليس في القرآن نص صريح في أن عيسى رفع بروحه وجسده إلى السماء حيا ، حياة دنيوية بهما ، بحيث يحتاج بحسب سنن الله تعالى إلى غذاء ، وليس فيه نص صريح بأنه ينزل من السماء ، وإنما هي عقيدة أكثر النصارى ، وقد حاولوا في كل زمان ، منذ ظهور الإسلام ، بثها في المسلمين (١).
هذا ويذهب الأستاذ الإمام المراغي إلى أنه ليس في القرآن نص صريح قاطع على أن عيسى عليهالسلام ، رفع بجسمه وروحه ، وعلى أنه حيّ بجسمه وروحه ، وقوله تعالى : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، الظاهر منه أنه توفاه وأماته ثم رفعه ، والظاهر من الرفع بعد الوفاة أنه رفعه درجات عند الله ، كما قال في إدريس عليهالسلام : «ورفعناه مكانا عاليا» ، وهذا الظاهر ذهب إليه بعض علماء المسلمين ، فهو عند هؤلاء العلماء توفاه الله وفاة عادية ، ثم رفع الله درجاته عنده ، فهو حيّ حياة روحية ، كحياة الشهداء ، وحياة غيره من الأنبياء ، لكن جمهور العلماء على أنه رفع بجسمه وروحه ، فهو حيّ الآن بجسده وروحه ، وفسروا الآية بهذا بناء على أحاديث وردت كان لها عندهم المقام الذي يسوّغ تفسير القرآن بها ، لكن هذه الأحاديث لم تبلغ درجة الأحاديث المتواترة التي توجب على المسلم عقيدة ، والعقيدة لا تجب إلا
__________________
(١) محمود شلتوت : الفتاوي ص ٥٢ ـ ٥٧ ، محمود بن الشريف : المرجع السابق ص ٢٠٧ ـ ٢٠٩.