محكمة لا تنفذ فيها الرماح ، وهو التقدير في السرد ، وكان الأمر كله إلهاما وتعليما من الله (١).
هذا وقد روى الحافظ ابن عساكر عن وهب بن منبه أن داود عليهالسلام كان يخرج متنكرا ، فيسأل الركبان عنه وعن سيرته ، فلا يسأل أحدا إلا أثنى عليه خيرا في عبادته وسيرته وعدله ، قال وهب : حتى بعث الله ملكا في صورة رجل فلقيه داود عليهالسلام ، فسأل كما كان يسأل غيره ، فقال : هو خير الناس لنفسه ولأمته ، إلا أن فيه خصلة لو لم تكن فيه لكان كاملا ، قال : ما هي ، قال : يأكل ويطعم عياله من مال المسلمين ، يعني بيت المال ، فعند ذلك نصب داود إلى ربه عزوجل في الدعاء أن يعلمه عملا بيده يستغني به ويغني به عياله ، فألان الله عزوجل له الحديد ، وعلمه صنعة الدروع ، فعمل الدروع وهو أول من عملها ، فقال الله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) ، يعني مسامير الحلق ، قال : وكان يعمل الدرع فإذا ارتفع من عمله درع باعها ، فتصدق بثلثها ، واشترى بثلثها ما يكفيه وعياله ، وأمسك الثلث يتصدق به يوما بيوم إلى أن يعمل غيرها (٢).
هذا وقد كشفت حفريات «سير فلندرز بتري» عن مناجم للحديد في جمة وعصيون جابر (٣) ، على مقربة من خليج العقبة ، ترجع إلى أيام داود وسليمان عليهماالسلام ، ويبدو أن داود قد استولى عليها من الآدوميين بعد هزيمته إياهم.
__________________
(١) في ظلال القرآن : ٥ / ٢٨٩٧ ـ ٢٨٩٨.
(٢) تفسير ابن كثير : ٣ / ٨٣٩.
(٣) وليم أولبرايت : آثار فلسطين ـ ترجمة زكي اسكندر ومحمد عبد القادر ، القاهرة ١٩٧١ م ص : ١٢٨ ، وكذاW.Keller ,The Bible as History , ١٩٩ ـ ١٩٨.p ، ١٩٦٧.