للكحل والدهن ، ولم يبنيا على مفعل كما هو بناء المواضع لأنهما لبسا موضعين لما يفعل فيه الشىء كالمقتل حتى يبنيا على الفعل ، بل هما موضعان لاسم جامد ؛ لم يبعد ، فاذا جعلا آلتين فهما بمعنى آلة الكحل والدّهن ـ بفتح الكاف والدال ـ كالمثقب لآلة الثقب ، والمحرضة : وعاء الحرض : أى الأشنان ، والظاهر أن مضربة السيف آلة الضرب ، لا موضعه ، غيّرت عما هو قياس بناء الآلة لكونها غير مذهوب بها مذهب الفعل
وجاء الفعال أيضا للآلة ؛ كالخياط والنّظام
واعلم أن الشىء إذا كثر بالمكان وكان اسمه جامدا فالباب فيه مفعلة بفتح العين ، كالمأسدة والمسبعة والمذأبة : أى الموضع الكثير الأسد والسباع والذئاب ، وهو مع كثرته ليس بقياس مطرد ، فلا يقال مضبعة ومقردة ، ولم يأتوا بمثل هذا فى الرباعى فما فوقه ، نحو الضّفدع والثّعلب ، بل استغنوا بقولهم : كثير الثعالب ، أو تقول : مكان مثعلب ومعقرب ومضفدع ومطحلب بكسر اللام الأولى على أنها اسم فاعل ، قال [لبيد] : ـ
٢٩ ـ يمّمن أعدادا بلبنى أو أجا |
|
مضفدعات كلّها مطحلبه (١) |
__________________
(١) البيت للبيد بن ربيعة العامرى. كما ثبت فى بعض نسخ الأصل. وقد أنشد الجوهرى والصاغانى فى العباب هذا البيت لما ذكره المؤلف. ويممن : قصدن. والاعداد ـ بفتح الهمزة ـ : جمع عد بكسر العين مثل حمل وأحمال وقدح وأقداح ووتر وأوتار ، والعد : الماء الذى له مادة لا تنقطع كماء العين وماء البئر ، ولبنى ـ بضم فسكون ـ : اسم جبل ، وأجا بوزن عصا فى هذا البيت ، والأكثرون يهمزونه مثل خطأ ، وهو أحد جبلى طىء ، ومضفدعات : كثيرة الضفادع ، وهى صفة لأعداد ، ومطحلبة : كثيرة الطحلب. وتقول : ضفدع الماء وطحلب ؛ إذا كثرت ضفادعه وطحالبه ، مثل قولك : زجست الدواء ، وفلفلت الطعام وعبهرته ، وزعفرت الثوب ، وعندمت الفتاة أناملها ، ونحو ذلك من كل فعل تأخذه على مثال دحرج من اسم جنس رباعى الأصول أو منزل منزلته