كأسود وأحمر ، والصفة ـ كما ذكرنا ـ إذا صغرت فالتصغير راجع إلى ذلك الوصف المضمون ، لا إلى الموصوف ؛ فالتصغير فى «ما أحيسنه» راجع إلى الحسن ، وهو تصغير التلطف كما ذكرنا فى نحو بنيّ وأخىّ ، كأنك قلت هو حسين ، وقوله
٣٠ ـ ياما أميلح غزلانا (١)
أى : هن مليّحات ،
ولما كان أفعل التعجب فعلا على الصحيح لم يمنعه تصغيره عن العمل ، كما يمنع فى نحو ضويرب على ما يجىء.
قوله «والمراد المتعجب منه» أى : مفعول أحيسن ؛ فإذا قلت «ما أحيسن زيدا» فالمراد تصغير زيد ، لكن لو صغرته لم يعلم أن تصغيره من أى وجه هو ؛ أمن جهة الحسن ، أم من جهة غيره؟ فصغرت أحسن تصغير الشفقة والتلطف ؛ لبيان أن تصغير زيد راجع إلى حسن ؛ لا إلى سائر صفاته.
قال : «ونحو جميل وكعيت لطائرين وكميت للفرس موضوع على التّصغير».
أقول : جميل طائر صغير شبيه بالعصفور (٢) ، وأما كعيت فقيل هو البلبل ، وقال المبرد : هو شبيه بالبلبل وليس به.
وإنما نطقوا بهذه الأشياء مصغرة لأنها مستصغرة عندهم ، والصغر من لوازمها فوضعوا الألفاظ على التصغير ، ولم تستعمل مكبراتها ، وقولهم فى جمع جميل
__________________
(١) سبق فى أول هذا الباب القول فى شرح هذا البيت (أنظر ص ١٩٠ ه ١)
(٢) فى اللسان : «قال سيبويه : الجميل البلبل ، لا يتكلم به إلا مصغرا فأذا جمعوه قالوا : جملان»