لاقتسام الفاعلية والمفعولية لفظا ، والاشتراك فيهما معنى ، وتفاعل للاشتراك فى الفاعلية لفظا ، وفيها وفى المفعولية معنى
واعلم أن الأصل المشترك فيه فى بابى المفاعلة والتفاعل يكون معنى ، وهو الأكثر ، نحو : ضاربته ، وتضاربنا ، وقد يكون عينا نحو (١) ساهمته : أى قارعته وسايفته ، وساجلته ، وتقارعنا ، وتسايفنا ، وتساجلنا (٢)
ثم اعلم أنه لا فرق من حيث المعنى بين فاعل وتفاعل فى إفادة كون الشىء بين اثنين فصاعدا ، وليس كما يتوهم من أن المرفوع فى باب فاعل هو السابق بالشروع فى أصل الفعل على المنصوب بخلاف باب تفاعل ، ألا ترى إلى قول الحسن بن على رضى الله تعالى عنهما لبعض من خاصمه : سفيه لم يجد مسافها ، فانه رضى الله عنه سمى المقابل له فى السفاهة مسافها وإن كانت سفاهته لو وجدت بعد سفاهة الأول ، وتقول : إن شتمتنى فما أشاتمك ، ونحو ذلك ؛ فلا فرق من حيث المغزى والمقصد الحقيقى بين البابين ، بل الفرق بينهما من حيث التعبير عن ذلك المقصود ، وذلك
__________________
(١) قال فى اللسان : «السهم : القدح الذى يقارع به ، واستهم الرجلان : تقارعا ، وساهم القوم فسهمهم سهما قارعهم فقرعهم ، وفى التنزيل : (فساهم فكان من المدحضين) يقول : قارع أهل السفينة فقرع (بصيغة المبنى للمجهول)» اه
(٢) قال ابن برى : «أصل المساجلة أن يستقى ساقيان فيخرج كل واحد منهما فى سجله (دلوه) مثل ما يخرج الآخر ، فأيهما نكل فقد غلب ، فضربته العرب مثلا للمفاخرة ، فاذا قيل : فلان يساجل فلانا ، فمعناه أنه يخرج من الشرف مثل ما يخرجه الآخر ، فأيهما نكل ففد غلب». وقالوا : الحرب سجال : أى سجل منها على هؤلاء وسجل على هؤلاء. وبالتأمل فى عبارة ابن برى يتبين أن الاشتراك فى المساجلة بين المتساجلين : بالنظر إلى أصل الاستعمال فى عين ، وبالنظر إلى المثل فى معنى لا عين ؛ فتمثيل المؤلف بساجلته للاشتراك فى العين إنما هو بالنظر إلى أصل استعمال اللفظ