أقول : لا شك أن فى قول المصنف قبل «لنسبة أصله إلى أحد الأمرين متعلقا بالآخر للمشاركة صريحا» وقوله ههنا «لمشاركة أمرين فصاعدا فى أصله صريحا» تخليطا ومجمجة (١) وذلك أن التعلق المذكور فى الباب الأول والمشاركة المذكورة ههنا أمران معنويان ، لا لفظيان ، ومعنى «ضارب زيدا عمرا» و «تضارب زيد وعمرو» شىء واحد ، كما يجىء ، فمعنى التعلق والمشاركة فى كلا البابين ثابت ؛ فكما أن للمضاربة تعلقا بعمرو صريحا فى قولك «ضارب زيد عمرا» فكذا للتضارب فى «تضارب زيد وعمرو» تعلق صريح به ، وكما أن زيدا وعمرا متشاركان صريحا فى «تضارب زيد وعمرو» فى الضرب الذى هو الأصل فكذا هما متشاركان فيه صريحا فى «ضارب زيد عمرا» فلو كان مطلق تعلق الفعل بشىء صريحا يقتضى كون المتعلّق به مفعولا به لفظا وجب انتصاب عمرو فى «تضارب زيد وعمرو» ولو كان مطلق تشارك أمرين فصاعدا صريحا فى أصل الفعل يقتضى ارتفاعهما لارتفع زيد وعمرو فى «ضارب زيد عمرا» فظهر أنه لا يصح بناء قوله فى الباب الأول «ومن ثم جاء غير المتعدى متعديا» على التعلق ، ولا بناء قوله فى هذا الباب «ومن ثم نقص مفعولا عن فاعل» على المشاركة ، وكان أيضا من حق اللفظ أن يقول : تفاعل لاشتراك أمرين ، لأن المشاركة تضاف إما إلى الفاعل أو إلى المفعول تقول : أعجبتنى مشاركة القوم عمرا ، أو مشاركة عمرو القوم ، وأما إذا قصدت بيان كون المضاف إليه فاعلا ومفعولا معا فالحق أن تجىء بباب التفاعل أو الافتعال ، نحو أعجبنى تشاركنا ، واشتراكنا ، هذا ، والأولى ما قال المالكى (٢) وهو أن فاعل
__________________
(١) المجمجة : تغيير الكتاب وإفساده ، ومجمج الرجل فى خبره : لم يبينه
(٢) هكذا فى كافة أصول الكتاب ، ولم يتبين لنا مقصود المؤلف من المالكى ، ويخطر على البال أنه أراد الامام أبا القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلى الخثعمى الأندلسى (المالقى) وهو شارح الجمل للزجاجى ، وتلميذ ابن الطراوة النحوى وأبى بكر بن العربى المالكى ، وكانت وفاته فى سنة ٥٨١ ه (أى قبل وفاة الرضى بنحو قرن)