أنه قد يعبر عن معنى واحد بعبارتين تخالف مفردات إحداهما مفردات الأخرى معنى من حيث الوضع ، وكذا إعراباتها ، كما تقول : جاءنى القوم إلا زيدا ، وجاءنى القوم ولم يجىء من بينهم زيد ، أو جاءونى وتخلف زيد ، أو لم يوافقهم زيد ، ونحو ذلك ، والمقصود من الكل واحد ، فكذا «ضارب زيد عمرا» : أى شاركه فى الضرب ، و «تضارب زيد وعمرو» أى : تشاركا فيه ، والمقصود من شاركه وتشاركا شىء واحد مع تعدى الأول ولزوم الثانى
قوله «ومن ثم نقص» أى : ومن جهة كون تفاعل فى الصريح وظاهر اللفظ مسندا إلى الأمرين المشتركين فى أصل الفعل بخلاف فاعل فانه لاسناده فى اللفظ إلى أحد الأمرين فقط ونصب الآخر نصب لفظ شارك لمفعوله ، فإن كان فاعل متعديا إلى اثنين نحو «نازعتك الحديث» كان تفاعل متعديا إلى ثانيهما فقط ، ويرتفع الأول داخلا فى الفاعلية ، نحو «تنازعنا الحديث» و «تنازع زيد وعمرو الحديث» وإن كان فاعل متعديا إلى واحد نحو «ضاربتك» لم يتعد تفاعل إلى شيء لدخول الأول في جملة الفاعل ، نحو «تضاربنا» و «تضارب زيد وعمرو»
قوله «نقص مفعولا» انتصاب «مفعولا» على المصدر ، وهو بيان النوع ، كقولك : ازددت درجة ، ونقصت مرتبة ، ودنوت إصبعا ، أى : نقص هذا القدر من النقصان ، ويجوز أن يكون تمييزا ؛ إذ هو بمعنى الفاعل : أى نقص مفعول واحد منه
قوله «وليدل على أن الفاعل أظهر الخ» معنى «تغافلت» أظهرت من نفسى الغفلة التى هى أصل تغافلت ، فتغافل على هذا لإبهامك الأمر على من تخالطه وترى من نفسك ما ليس فيك منه شىء أصلا ، وأما تفعّل فى معنى التكلف نحو : تحلّم وتمرّأ (١) فعلى غير هذا لأن صاحبه يتكلف أصل ذلك الفعل
__________________
(١) تحلم : تكلف الحلم ، وهو العقل والأناة. وتمرأ : تكلف المروءة ، وهى