بالرفع على تقدير كونه حالا.
وقرأه الباقون بالنصب على تقدير الاستقبال.
ثم أشرت إلى أن نصب الفعل بـ «أن» واجبة الإضمار بعد الفاء المجاب بها نفى كقوله ـ تعالى ـ : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) [فاطر : ٣٦].
والمجاب بها طلب وهو : إما أمر ، وإما نهى ، وإما دعاء ، وإما استفهام ، وإما عرض ، وإما تحضيص ، وإما تمن :
فالأمر كقول الراجز : [من الرجز]
يا ناق سيرى عنقا فسيحا |
|
إلى سليمان فنستريحا (١) |
والنهى كقول الشاعر : [من البسيط]
__________________
ـ والزلزال ، و «حتى» إنما ينصب بعدها المضارع المستقبل ، وهذا قد وقع ومضى. فالجواب : أنه على حكاية الحال ، حكى تلك الحال.
والثانى : أنّ «حتى» بمعنى «كى» ، فتفيد العلّة ، وهذا ضعيف ؛ لأنّ قول الرسول والمؤمنين ليس علة للمسّ والزلزال ، وإن كان ظاهر كلام أبى البقاء على ذلك فإنه قال : «ويقرأ بالرفع على أن يكون التقدير : زلزلوا فقالوا ، فالزّلزلة سبب القول» و «أن» بعد «حتى» مضمرة على كلا التقديرين. وقرأ نافع : برفعه على أنّه حال ، والحال لا ينصب بعد «حتى» ولا غيرها ، لأنّ الناصب يخلّص للاستقبال فتنافيا.
واعلم أنّ «حتى» إذا وقع بعدها فعل : فإمّا أن يكون حالا أو مستقبلا أو ماضيا ، فإن كان حالا رفع نحو : «مرض حتى لا يرجونه» أى فى الحال. وإن كان مستقبلا نصب ، تقول : سرت حتى أدخل البلد وأنت لم تدخل بعد. وإن كان ماضيا فتحكيه ، ثم حكايتك له : إمّا أن تكون بحسب كونه مستقبلا ، فتنصبه على حكاية هذه الحال ، وإما أن يكون بحسب كونه حالا ، فترفعه على حكاية هذه الحال ، فيصدق أن تقول فى قراءة الجماعة : حكاية حال ، وفى قراءة نافع أيضا : حكاية حال. وإنّما نبّهت على ذلك ؛ لأنّ عبارة بعضهم تخصّ حكاية الحال بقراءة الجمهور ، وعبارة آخرين تخصّها بقراءة نافع. قال أبو البقاء فى قراءة الجمهور : «والفعل هنا مستقبل حكيت به حالهم ، والمعنى على المضىّ. ينظر : الدر المصون (١ / ٥٢٣).
(١) الرجز لأبى النجم فى الدرر ٣ / ٥٢ ، ٤ / ٧٩ ، والرد على النحاة ص ١٢٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣٩ ، والكتاب ٣ / ٣٥ ، ولسان العرب (نفخ) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٠ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ١٨٢ ، ورصف المبانى ص ٣٨١ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٧٠ ، ٢٧٤ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٠٢ ، ٣ / ٥٦٢ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٩٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٧٠ ، وشرح قطر الندى ص ٧١ ، وشرح المفصل ٧ / ٢٦ ، واللمع فى العربية ص ٢١٠ ، والمقتضب ٢ / ١٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨٢.