ثم بينت أنها فى الاختصاص بالفعل كـ «أن».
ذكرت ما تنفرد به من مباشرة «أنّ» نحو : «لو أنّ زيدا قام لقمت».
وزعم الزمخشرى (١) أن بين «لو» و «أنّ» : «ثبت» ـ مقدر ـ.
وهو خلاف ما ذهب إليه سيبويه ؛ فإن سيبويه شبهها فى مباشرة «أنّ» على سبيل الشذوذ بانتصاب «غدوة» بعد «لدن». فـ «أنّ» الواقعة بعد «لو» فى موضع رفع بالابتداء ، وإن كانت لا تدخل على مبتدأ غيرها.
كما أن «غدوة» بعد «لدن» تنتصب ، وإن كان غيرها بعدها يجب جره ؛ على أنه قد ولى «لو» اسم صريح مرفوع بالابتداء فى قول الشاعر : [من الرمل]
لو بغير الماء حلقى شرق |
|
كنت كالغصّان بالماء اعتصارى (٢) |
ولذلك وجه من النظر ؛ وهو أن «لو» لما لم تصحب ـ غالبا ـ إلا فعلا ماضيا وهو لازم البناء لم تكن عاملة ، ولما لم تكن عاملة لم يسلك بها سبيل «إن» فى الاختصاص بالفعل أبدا ، فنبه على ذلك بمباشرتها «أنّ» كثيرا ، وبمباشرة غيرها قليلا.
وقد زعم أبو على أن تقدير :
لو بغير الماء حلقى شرق |
|
......... |
لو شرق بغير الماء حلقى هو شرق ؛ فـ «هو شرق» : جملة اسمية مفسرة للفعل المضمر.
وهذا تكلف لا مزيد عليه ؛ فلا يلتفت إليه.
وقد حمل الزمخشرى ادعاؤه : إضمار «ثبت» بين «لو» و «أنّ» على التزام كون الخبر فعلا ، ومنعه أن يكون اسما ، ولو كان بمعنى فعل نحو : «لو أنّ زيدا حاضر».
__________________
(١) قال الزمخشرى فى تفسير قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ) «أنهم صبروا» فى موضع الرفع على الفاعلية ؛ لأن المعنى : ولو ثبت صبرهم. ينظر : الكشاف (٤ / ٣٥٩).
(٢) البيت لعدى بن زيد فى ديوانه ص ٩٣ ، والأغانى ٢ / ٩٤ ، وجمهرة اللغة ص ٧٣١ ، والحيوان ٥ / ١٣٨ ، ٥٩٣ ، وخزانة الأدب ٨ / ٥٠٨ ، ١١ / ١٥ ، ٢٠٣ ، والدرر ٥ / ٩٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٥٨ ، والشعر والشعراء ١ / ٢٣٥ ، واللامات ص ١٢٨ ، ولسان العرب «عصر» ، (غصص) ، (شرق) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٥٤ ، وبلا نسبة فى الاشتقاق ص ٢٦٩ ، وتذكرة النحاة ص ٤٠ ، والجنى الدانى ص ٢٨٠ ، وجواهر الأدب ص ٢٦٣ ، وشرح الأشمونى ٣ / ٦٠١ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٥٩ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٢٣ ، والكتاب ٣ / ١٢١ ، ومغنى اللبيب ص ١ / ٢٦٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ٦٦.