وقال آخر فى التحضيض : [من الطويل]
هلّا تمنّن بوعد غير مخلفة |
|
كما عهدتك فى أيّام ذى سلم (١) |
وقال آخر فى التمنى :
فليتك يوم الملتقى ترينّنى |
|
لكى تعلمى أنّى امرؤ بك هائم (٢) |
ومثال توكيد الشرط بعد «إمّا» قوله ـ تعالى ـ : (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) [غافر : ٧٧].
ومثال المستقبل الآتى بعد يمين قوله ـ تعالى ـ : (تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ) [النحل : ٥٦].
فلو قدم على الفعل المقسم عليه ما يتعلق به من جار أو غيره ، قرن المتعلق بلام القسم ، واستغنى عن النون ؛ كقولك : «والله لزيدا أكرم».
وكذا لو كان مع الفعل «سوف» أو السين ؛ كقولك : «والله لسوف أكرمك».
فمن الأول قوله ـ تعالى ـ : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) [آل عمران : ١٥٨].
ومن الثانى قوله ـ تعالى ـ : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) [الضحى : ٥].
وقد يؤكد بإحدى النونين المضارع المنفى بـ «لا» تشبيها بالنهى ؛ كقوله ـ تعالى ـ :
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) [الأنفال : ٢٥].
وقد زعم قوم أن هذا نهى وليس بصحيح ، ومثله قول الشاعر : [من الطويل]
فلا الجارة الدّنيا بها تلحينّها |
|
ولا الضّيف فيها إن أناخ محوّل (٣) |
إلا أن توكيد «تصيبنّ» أحسن لاتصاله بـ «لا» فهو بذلك أشبه بالنهى ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ) [الأعراف : ٢٧] ؛ بخلاف قول الشاعر : «تلحينّها» فإنه غير متصل بـ «لا» فبعد شبهه بالنهى ؛ ومع ذلك فقد سوغت توكيده «لا» وإن كانت منفصلة ، فتوكيد «تصيبنّ» لاتصاله بـ «لا» أحق وأولى.
__________________
(١) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٩٩ ، والدرر ٥ / ١٥٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٩٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٠٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٢٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ٧٨.
(٢) البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ١٠٠ ، والدرر ٥ / ١٥١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٩٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٠٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٢٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٧٨.
(٣) البيت للنمر بن تولب فى ديوانه ص ٣٨٣ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٦٢٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٤٢ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٤٩٨ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٤٧.