فلو كان تنوين «مسلمات» تنوين صرف لزال عند العلمية ، كما يزول تنوين «مسلمة» إذا صار علما ، فإن فى كل واحد منهما بعد التسمية من العلمية ، والتأنيث ما فى الآخر.
وتأنيث «مسلمات» أحق بالاعتبار لوجهين :
أحدهما : أنه تأنيث معه جمعية.
والثانى : أنه تأنيث بعلامة لا تتغير فى الوقف.
بخلاف تأنيث «مسلمة» ، واعتبار ما لا يتغير وصلا ولا وقفا أولى من اعتبار ما يتغير وقفا.
وأما التنوين المشترك فيه : فهو الذى يسمى «تنوين الترنّم» ؛ وإنما هو عوض من الترنم ؛ لأن الترنم مد الصوت بمدة تجانس حركة الروى.
فالأصل إذا قيل تنوين الترنم : تنوين ذى الترنم ؛ فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ؛ قال سيبويه : «أما إذا ترنموا فإنهم يلحقون الياء والألف والواو ؛ لأنهم أرادوا مد الصوت ، وإذا أنشدوا لم يترنموا.
فأهل الحجاز يدعون القوافى على حالها فى الترنم.
وناس كثير من بنى تميم يبدلون مكان المدة النون ، لما لم يريدوا الترنم أبدلوا مكان المدة نونا ، ولفظوا بتمام البناء ؛ كما فعل أهل الحجاز ذلك بحروف المد ؛ سمعناهم يقولون : [من الرجز]
يا أبتا علّك أو عساكن (١)
وقال العجاج : [من الرجز]
يا صاح ما هاج الدّموع الذّرّفن (٢)
وقال : [من الرجز]
__________________
(١) تقدم تخريج هذا الرجز.
(٢) الرجز فى ديوانه ٢ / ٢١٩ ، وتخليص الشواهد ص ٤٧ ، وخزانة الأدب ٣ / ٤٤٣ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٥٢ ، والكتاب ٤ / ٢٠٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٢٦.