[ومن النحويين من يذهب إلى أن](١) تنوين «جوار» ونحوه تنوين صرف ؛ لأن الياء حذفت فصار الاسم بعد حذفها شبيها بـ «جناح».
وهذا قول ضعيف ؛ لأن الياء حذفت تخفيفا ـ وثبوتها منوى ولذلك بقيت الكسرة دليلا عليها ، وما حذف تخفيفا ونوى ثبوته فلا اعتداد بحذفه.
ولهذا لو سمى بـ «كتف» : امرأة ثم سكن تخفيفا لم يجز صرفه جواز صرف «هند» ؛ لأن الحركة منوية فلم يعتد بالسكون.
ولو قيل فى «جيأل» ـ اسم رجل ـ : «جيل» لم يجز صرفه ، وإن كان فى اللفظ ثلاثيا ؛ لأن الهمزة منوية الثبوت ؛ ولذلك لم تقلب الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وأمثال ذلك كثيرة.
فإن أورد «جندل» (٢) ونحوه ، فإن أصله «فعالل» فحذفت ألفه ونوى ثبوتها ؛ لئلا تتوالى أربع حركات فى كلمة واحدة ، ومع ذلك صرف اعتبارا بعارض الحذف.
والجواب أن يقال : لا أسلم أن تنوين «جندل» ونحوه تنوين صرف ، وإنما هو تنوين جىء به عوضا عن (٣) الألف كما جىء بتنوين «جوار» عوضا من الياء ، فاندفع المعارض ، وصح عدم الاعتداد بالعارض.
وتنوين المقابلة : تنوين «مسلمات» ونحوه من الجمع بالألف والتاء ؛ فإنه جمع قصد به [فى](٤) المؤنث من سلامة نظم الواحد واتحاد لفظ الجر والنصب ما قصد فى «مسلمين» ونحوه ؛ فقوبلت الياء بالكسرة ، والنون بالتنوين.
ولذلك إذا سمى بـ «مسلمات» بقى تنوينه كما يبقى نون «مسلمين» إذا سمى به ؛ ومنه قوله ـ تعالى ـ : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) [البقرة : ١٩٨].
وقول الشاعر : [من الطويل]
تنوّرتها من أذرعات وأهلها |
|
بيثرب أدنى دارها نظر عالى (٥) |
__________________
(١) فى أ : ومن النحويين من يرى أن.
(٢) الجندل : ما يقله الرجل من الحجارة. ينظر : القاموس (جندل).
(٣) فى أ : من.
(٤) سقط فى أ.
(٥) البيت لامرئ القيس فى ديوانه ص ٣١ ، وخزانة الأدب ١ / ٥٦ ، والدرر ١ / ٨٢ ، ورصف ـ المبانى ص ٣٤٥ ، وسر صناعة الإعراب ص ٤٩٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢١٩ ، وشرح التصريح ١ / ٨٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٣٥٩ ، وشرح المفصل ١ / ٤٧ ، والكتاب ٣ / ٢٣٣ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٩٦ ، والمقتضب ٣ / ٣٣٣ ، ٤ / ٣٨ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ٦٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ٤١ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٤ ، وشرح المفصل ٩ / ٣٤.