ومما جاء فى نثر قراءة غير عاصم والكسائى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) [التوبة : ٣٠].
فإنه مبتدأ وخبر ، و «عزير» منصرف فحذف تنوينه لالتقاء الساكنين ، ولشبهه (١) بتنوين العلم المنعوت بـ «ابن».
وحذف التنوين هنا أحسن من حذف التنوين فى قراءة عبد الوارث : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ) [الإخلاص : ١ ـ ٢] من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن اتصال «عزير» بـ «ابن» لأنهما جزءا جملة واحدة ، ألزم من اتصال «أحد» بـ «الله» لأنهما من جملتين.
الثانى : أن حذف تنوين «عزير» فى الإخبار عنه بـ «ابن» شبيه بحذفه فى النعت به ؛ بخلاف حذف تنوين «أحد».
الثالث : أن حذف تنوين «عزير» يخلص من ثقل لا يلزم مثله من ثبوت تنوين «أحد» ؛ وذلك أن تنوين «عزير» ، إذا لم يحذف تحرك لالتقاء الساكنين ، فيلزم من تحريكه وقوع كسرة بين ضمتين ؛ أولاهما فى حرف تكرار قبله ياء ساكنة ؛ ولا يلزم ذلك ولا قريب منه إذا لم يحذف تنوين «أحد» ؛ فكان حذف تنوين «عزير» أحسن وأولى.
وإنما حكمت بانصراف «عزير» لأن عاصما والكسائى قرآ به فصح كونه منصرفا : إما لأنه عربى الأصل ، وإما لأن أصله «عازر» أو «عيزار» ، ثم صغر تصغير الترخيم حين عرب فصرف لصيرورته ثلاثيا ، ولا اعتداد بياء التصغير ؛ لأن «نوحا» لو صغر لبقى مصروفا ؛ ولأن سيبويه حكى فى تصغير «إبراهيم» و «إسماعيل» «بريها» و «سميعا» مصروفين (٢).
ثم بينت أن تنوين العلم المنعوت بـ «ابن» متصل مضاف إلى علم قد ثبت فى الضرورة كقول الراجز : [من الرجز]
جارية من قيس بن ثعلبه |
|
كأنّها حلية سيف مذهبه (٣) |
__________________
(١) فى أ : لشبه.
(٢) قال سيبويه : وزعم أنه سمع فى «إبراهيم» و «إسماعيل» : «برية» و «سميع». ينظر : الكتاب (٣ / ٤٧٦).
(٣) الرجز للأغلب العجلى فى ديوانه ص ١٤٨ ، ولسان العرب (حلا) ، وأساس البلاغة (قعنب) ، ـ ـ وخزانة الأدب ٢ / ٢٣٦ ، والدرر ٣ / ٣٦ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣١٢ ، وشرح المفصل ٢ / ٦ ، والكتاب فى لسان العرب (قبب) ، والمخصص ١٢ / ٢٢ ، والخصائص ٢ / ٤٩١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٣٠ ، وشرح التصريح ٢ / ١٧٠ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٦ ، وتاج العروس (الياء).