الحكومات أو الإمارات الصغيرة. أما العثمانيون فلم يكن لهم أمل في هذه الأنحاء ، بل كانت آمالهم معطوفة إلى التوسع في جهات الروم والبلقان وما جاورهما فتوغلوا فيها كثيرا.
وبعد انقراض حكومة (آق قويونلو) قامت الدولة (الصفوية) في إيران بقوة هائلة مستمدة سلطتها من التأثير الديني باعتناق مؤسسها الشاه اسماعيل طريقة (التصوف الغالي) مقرونة بمذهب الشيعة. كما أنه حرك الشعور الوطني القومي الإيراني فتزايد نفوذه وكثر أعوانه وشعر في نفسه بقدرة فتاكة وحكومة عظيمة هددت كيان الحكومات المجاورة ... بل إن قوتها فاقت المجاورين في كثير من حروبها وظهرت عليهم ظهورا بينا لكنها لم تكن في الدرجة التي تصورها هذا الشاه الشاب الممتلىء نشاطا ، المغرور بقوته وبما ربح من بعض الوقائع ، لما رأيناه في الحكومة العثمانية من الانتصار الهائل عليه وكان حكم العثمانيين سابقا لحكمه. وإن هذه الدولة ممرنة على الحروب والإدارة والتزام السياسة المكينة. أرعبت الشرق والغرب وأرهبت المجاورين ، وعاملت الشعوب والملل المحكومة بالحسنى.
ـ نعم لم تر الحكومة الصفوية مزاحما لها بعد انقراض حكومة آق قويونلو سوى (الدولة العثمانية) (١). فحاولت القضاء عليها ليصفو الجو
__________________
(١) إن الترك يتكلمون باثنتي عشرة لغة. ومنهم التركمان. خرجوا من ما وراء النهر وجاؤوا إلى بلاد الروم زرافات وبأسماء مختلفة مثل دانشمندي ، وأق قوينلو ، وسلجوق ... فجاسوا خلال هذه الديار واستولوا عليها ... ولهم لهجات متنوعة ، وإن اللغة التركمانية متشعبة من التتارية ، ولهم اصطلاحات في لهجاتهم خاصة ولغات غريبة ، لا يفهم بعضهم بعضا إلا بترجمان ، وإن الجغتاي أفصحها ، وإن تركمان آل عثمان من هؤلاء ... أما تتار قالماق أي الصين والخطا والختن فإنهم غير أولئك وإنما هم تتار آخرون ... ولهم اثنتا عشرة لغة بعدد ملوكهم ، فلا يتفاهم بعضهم مع بعض إلا بترجمان. (أوليا چلبي ج ٣ ص ١٧١).