أوجدت فيها هذا الخوف مما دعا إلى هذا الاتفاق. ذلك ما أكسب الدولة العثمانية الاهتمام للأمر وأن تقضي على هاتين الحكومتين قبل أن تستكملا العدة. فالدولة العثمانية كانت ممرنة على الحروب أكثر من غيرها وإن كانت الدولة الصفوية اكتسبت بعض الممارسة في حروبها للاستيلاء على كافة أنحاء إيران وعلى بغداد.
وقوة السلطان سليم الياوز أعقبتها سطوة أكبر أيام السلطان (سليمان القانوني). وهذا لم يستطع العجم أن يقفوا في وجهه. وحكومته آنئذ نالت شهرت بلغت الغاية لما وصلت إليه من العز والمنعة في الشرق والغرب ولكن تدابير العجم السياسية مكنتهم من المحافظة على الوحدة من جراء أن حكومتهم لم ترتكب الخطأ الأول في (چالديران) للدخول في مقارعة عظيمة لها خطرها ولا تأمن نتائجها ... أو أن تجرب تجربة أخرى تجازف بها ، فركن الشاه إلى الاختفاء مدة والحكومة لا تطارد المختفين الهاربين فمالت إلى بغداد واكتفت بأخذها وما والاها وعادت ظافرة ...
والعراق كان من الضعف والعجز بمكان ، فلم يقدر أن يحرك ساكنا ، والحكومات السابقة أنهكت قواه ، لا يختلف عن إيران وسائر الممالك الشرقية الأخرى ... ولا يزال الخوف مستوليا عليه مما أصابه من أقوام ليس لهم رأفة به ولا رحمة أو شفقة والقوة لا تزيحها إلا القوة. ولم تكن له قدرة النهوض أو بالتعبير الأصح لم يبق من رجاله من ينقاد له الرأي العام ليقوم بالاستقلال ويربح قضيته استفادة من الفرصة السانحة. ولعل ضعف الأهلين كان أهم سبب فلا مجال للقيام ولا قدرة هناك تكفي لصد العدو. والروح قد أميتت ، فركنوا إلى قوة العثمانيين.
انحلت إدارة العراق فتكونت إدارة تركية. ولم يوسع على الأهلين.