كالذي زَيَّنَتْ له الشياطين هواه حَيْرانَ في حال حَيْرَتِه.
وقال القتبيّ : (اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) : هوَتْ به وأَذْهَبَتْه ، جعله من هوَى يهوِي ، وجَعَلهُ الزّجاج من هوِيَ يهوَى.
وأخبرني المنذريُّ عن أبي الهيثم في قولِ الله جلّ وعزّ : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) [إبراهيم : ٤٣] قال : كأنهم لا يَعقِلون من هَوْل يومِ القيامة. والهَواءُ والخواءُ واحد.
قال : والهواء كلُّ فُرْجة بين شيئين كما بَيْن أسفَلِ البيت إلى أعلاه ، وأسفِل البئر إلى أَعْلاها.
قال : ويقال : هوتِ الناقةُ والأتان وغيرهما تهوِي هَوِيّاً فهي هاوية ، إذا عَدَتْ عَدْواً أَرْفعَ العَدْوِ ، وكأنه في هواءِ بِئْرٍ يهوِي شَديداً فيها ، وأنشد :
فَشَجَّ بها الأماعزَ وهي تهوِي |
هَوِيَ الدَّلو أسلمها الرِّشاءُ |
ويقال : هَوَى صدرُه يهوِي هَواء إذا خلا.
قال جرير :
ومُجاشع قَصَبٌ هَوَتْ أجوافُه |
لو ينفُخون من الخُؤُورة طارُوا |
أي هم بمنزلة قصبٍ جَوفُه هواء أي خالٍ أي لا فُؤادَ لهم ، كالهواء الذي بين السماء والأرض.
سلمة عن الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) [القَارعَة : ٩]. قال بعضهم : هذا دعاء عليه ، كما تقول : هَوَتْ أُمُّه ، على قول العرب ، وأنشَد قوله :
هَوَتْ أمُّه ما يبعثُ الصبح غادِياً |
وماذا يُؤدِّي الليلُ حينَ يَؤُوبُ |
ومعنى : هوتْ أمه : هلكت أُمه.
وقال بعضهم : أمُه هاوية ، صَارَتْ هاوية مَأْواه ، كما تُؤوِي المرأةُ ابنها ، فجعلها إذ لا مأوى له غيرَها أُمّاً له. وقيل : معنى قوله : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) [القَارعَة : ٩] ، أُمُّ رأْسِه تهوِي في النار.
وقال الليث : الهَوَى مقصور : هوى الضمير ، تقول : هَوَى يهوَى هَوًى ، ورجلٌ هَوٍ ذو هَوًى مخامر ، وامرأة هَوِيَة ، لا تزال تهوَى على تقدير فَعِلَة ، فإذا بُنِيَ منه فعل بجزم العين. قيل : هَيَّة مثلِ طيَّة.
قال : والهواء ممدود ، هوّ الجوّ ، وأهل الأهواء واحدها هَوًى.
وقال أبو إسحاق في قوله : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) [إبراهيم : ٤٣] أي متخرِّقة لا تعي شيئاً من الخَوْف. وقيل : نُزِعَتْ أفئدتهم من أجوافهم.
وقال حسان بن ثابت :
ألا أَبلِغْ أبا سفيان عني |
فأَنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هواءُ |
أبو عبيد عن الأصمعيّ : الهَوْهاءَةُ : الضعيف الفؤاد ، الجبان.
وقال أبو عبيدة : أَوْماةُ والهَوْهاة واحدٌ والجميع الموامِي والهواهِي.
وقال أبو عبيد : الهواهي : الأباطيل وقال ابن أحمر :
وفي كلّ عام يدعوانِ أَطِبَّةً |
إليَّ وما يُجْدُونَ إلّا الهواهيا |