وقد أثبت العلم الحديث هذه الحقيقة من أنّ ( وراثة المولود لا يحددها أبواه المباشران فقط ، بل هو يرث من جدوده وآباء جدوده وجدود جدوده وهكذا... وبديهي أنّ معظم وراثة الانسان تنحدر اليه من آبائه الأقربين وأنّ أثر الجدود الأباعد يقل كلما زاد بعدهم ، وعلى هذا نستطيع القول : بأنّ نصف الوراثة من الأبوين ، وربعها من الجدود ، وثمنها من آباء الجدود وهكذا ) (١).
والوراثة لها دور أساسي في نقل بقية الصفات ، ولهذا أكّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ حسن الاختيار في الزواج فقال : « تخيّروا لنطفكم فانّ العرق دسّاس » (٢).
ومصطلح ( العرق ) يقابله في الاصطلاح المعاصر مصطلح الجينات genes ، والتي تحملها الصبغيات ( الكروموسومات ) chromosomes التي تحتويها نواة الخلية الناجمة عن البويضة الانثوية ovum المخصّبة من الحيوان المنوي الذكري sperm (٣).
وتحذير رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من العرق الدساس ناظر الىٰ الصفات النفسية والروحية والخلقية التي تنتقل بالوراثة ، أو يكون العامل الوراثي خالقاً للاستعداد في نفس الوليد للاتصاف بصفة من الصفات التي يحملها الوالدان أو الأجداد.
ويقول بيرون : ( ان ابني وهو منسوب اليّ ، ولكنّي أرىٰ أجداده الماضين
_______________________
(١) علم النفس التربوي / الدكتور فاخر عاقل : ص ٣٩ ، دار العلم للملايين ، بيروت ، ١٩٨٥.
(٢) المحجة البيضاء / الفيض الكاشاني : ٣ / ٩٣ ، جامعة المدرسين ، قم ، ط ٢.
(٣) علم نفس النمو / الدكتور حامد زهران : ص ٣٦ ، عالم الكتب ، القاهرة ، ١٩٨٢.