الحاجة إلىٰ عقاب النفس صورة خاصة من الحاجة إلى الغفران ، فالفرد يرحّب بعقاب نفسه طمعاً في التخفيف من مشاعر الذنب التي تفوق هذا العقاب إيلاماً ، أي أنه يختار أهون الشرّين ) (١).
ومكارم الأخلاق التي حثّ عليها المنهج التربوي واقعية في حدودها وألوانها وطبيعتها ، فهي منسجمة مع النفس الإنسانية ومحبّبة لديها تتقبّلها وتركن إليها وتستهدي بها ، كإقامة العدل وردّ العدوان والتعاون والإحسان والإيثار والكرم والعفو والصبر وما شابه ذلك.
وفي جميع الظروف والأحوال فإنّ المنهج التربوي راعىٰ طبيعة الإنسان من حيث ضعفه ومحدوديته ، فهو تركيب من لحم ودم وأعصاب ، ومن عقل ونفس وروح ، ومن غرائز وشهوات ، وله رغبات وأوضاع نفسية كالحب والبغض ، والرجاء والخوف ، والأنا والتنافس وما شابه ذلك ، ولهذا راعىٰ الضعف البشري والدوافع البشرية والحاجات البشرية ؛ فجاء منسجماً مع الإنسان مقبولاً لديه لا كلفة فيه ولا عناء.
يمتاز المنهج التربوي عند أهل البيت عليهمالسلام بالتوازن والاعتدال في جميع جوانبه المرتبطة بالإنسان ، فيضع لكل شيء حدوده وقيوده ، فلا يطغىٰ جانب على آخر ولا ناحية على اُخرىٰ ، فهو يراعي حاجات الجسد وحاجات الروح في آن واحد ، ويراعي حاجات الإنسان بشطريه : الذكر والأنثىٰ ، ويراعي حاجات الفرد والمجتمع فلا تطغىٰ حاجة على اُخرىٰ ولا جانب على آخر ولا
_______________________
(١) أصول علم النفس : ص ١٤٦.