« رأس العقل بعد الايمان بالله مداراة الناس في غير ترك الحق » (١).
ومن مصاديق المداراة مراعاة الدوافع النفسية والعاطفية للانحراف ، وأجواء المنحرف الاجتماعية ، ولذا كان أهل البيت عليهمالسلام يراعون الضعف البشري عند أصحابهم وعند مخالفيهم ويقابلونه بالمداراة لأنها الكفيلة بتحقيق الأهداف المتوخاة من التربية.
من طبيعة الانسان انّه يأنس بآرائه وأفكاره ومواقفه ، ويحرص علىٰ عدم المساس بها لأنها جزء من شخصيته ، ويرىٰ فيها كرامته وكبرياءه ووجوده ، فينبغي لمن يريد أن يتحرك في وسط المجتمع ليربيه أو يصلحه أن يتعامل برفق مع الناس سواء في تخطئة آرائهم وأفكارهم ومواقفهم أو تبيان صحة المفاهيم والقيم المراد تقريرها في نفوسهم وواقعهم.
والرفق صفة محببة لدى الناس وبها تتيسر الصعاب وتسهل الأمور ، ويتفاعل الناس مع المربي والمبلّغ والداعية إلى الله ، كما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « الرفق ييسّر الصعاب ويسهّل شديد الأسباب ».
وقال عليهالسلام : « من استعمل الرفق لان له الشديد » (٢).
فبالرفق يتنازل الانسان عن رأيه الخاطئ وعن موقفه الخاطئ ، ويتقبل النصح والارشاد ، بل يتفاعل معه ليصلح نفسه علىٰ ضوء الأسس والمفاهيم المراد تقريرها في الواقع.
_______________________
(١) تحف العقول / الحرّاني : ص ٢٩.
(٢) تصنيف غرر الحكم : ص ٢٤٤.