من الصفات المهمة للمربي وللمصلح أن يختلط مع الناس ولا ينعزل عنهم ، لأنّ التربية والاصلاح لا تقتصر على إلقاء الخطب في المجالس العامة والخاصة ، وإنما هي حركة وعمل دؤوب في الأوساط الاجتماعية تتطلب مشاركة الناس في آمالهم وآلامهم وأن يعيش المربي معهم كواحد منهم ، يشاركهم في نشاطاتهم وفعالياتهم واحتفالاتهم وأحزانهم ، وهكذا كان أهل البيت عليهمالسلام في وسط الأمة ، وبهذا استطاعوا تربية واصلاح الكثير من أتباعهم ومخالفيهم.
قال صعصعة بن صوحان يصف أمير المؤمنين عليهالسلام : ( كان فينا كأحدنا ، لين جانب ، وشدة تواضع ، وسهولة قياد ، وكنّا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف علىٰ رأسه ). (١)
وقال نافع بن جبير للإمام زين العابدين عليهالسلام : إنك تجالس قوماً دوناً ، فقال له : « إني أجالس من أنتفع بمجالسته في ديني ». (٢)
وكانت ارشاداتهم لأصحابهم أن يتعايشوا مع غيرهم من المخالفين ، ومن هذه الارشادات ما جاء عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام أنّه قال : « كونوا لمن انقطعتم إليه زيناً ولا تكونوا عليه شيناً ؛ صلّوا في عشائرهم ، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم... ». (٣)
والاختلاط بالمجتمع يسهم مساهمة فعالة في معرفة أحوال وأوضاع الناس
_______________________
(١) شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٥.
(٢) مناقب آل أبي طالب : ٤ / ١٧٥.
(٣) الكافي : ٢ / ٢١٩.