٤ ـ « عليك بالاحسان فانه أفضل زراعة وأربح بضاعة » (١).
فالاحسان له دور كبير في اصلاح النفوس وتوجيهها نحو الاستقامة ومن ثم التكامل والسمو ، لأنّها ستتوجه إلىٰ المحسن بكل جوارحها ، فيكون له التأثير عليها بالاستهواء ، فتتسارع النفوس للاستجابة لارشاداته قناعة أو حياءً.
وقد استطاع أهل البيت عليهمالسلام اصلاح الكثيرين بعد الاحسان إليهم ، والأفضل من الاحسان مقابلة الاساءة بالاحسان ، وكانت هذه صفة من صفاتهم عليهمالسلام.
روى المبرّد وابن عائشة : أنّ شامياً رأى الامام الحسن بن علي عليهالسلام راكباً فجعل يلعنه ، والحسن لا يرد ، فلما فرغ أقبل الحسن عليهالسلام فسلّم عليه وضحك ، وقال : « أيها الشيخ أظنك غريباً ، ولعلك شبهت ، فلو استعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو استرشدتنا أرشدناك ، ولو استحملتنا أحملناك ، وإن كنت جائعاً أشبعناك ، وإن كنت عرياناً كسوناك ، وإن كنت محتاجاً أغنيناك ، وإن كنت طريداً آويناك ، وإن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حركت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلىٰ وقت ارتحالك كان أعود عليك ، لأنّ لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً ».
فلما سمع الرجل كلامه بكىٰ ثم قال : أشهد انك خليفة الله في أرضه ، الله أعلم حيث يجعل رسالته ، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ ، والآن أنت أحبّ خلق الله إليّ (٢).
_______________________
(١) تصنيف غرر الحكم : ص ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٣٨٨.
(٢) بحار الأنوار / المجلسي : ٤٣ / ٣٤٤.