والإيمان باليوم الآخر ينسجم مع تطلعات الانسان لما وراء الحياة ، وهذا الايمان بالمطلق وبالثواب والنعيم ، يمنح الانسان طاقة روحية متسامية ، يحافظ من خلالها علىٰ سلامته النفسية واستقامته السلوكية ، فلو أصابه الحرمان وحال الواقع دون اشباع حاجاته فانّ الايمان سيخفف من معاناة الحرمان.
والإيمان باليوم الآخر أمر واقعي ، كما هو واضح في آراء العلماء والمفكرين ، وفي ذلك يقول نورمان فنسنت بيل : ( والواقع انّ الشعور الغريزي بوجود عالم آخر بعد الموت هو من أقوىٰ الأدلة علىٰ هذا الوجود... وانّ الشوق إلىٰ خلود الحياة ـ ولو في عالم آخر ـ احساس شائع في نفوس البشر بحيث لا يمكن النظر إليه باستخفاف عام ) (١).
والاستدلال علىٰ وجود الله تعالىٰ لا يحتاج إلىٰ عناية استثنائية مثالية ، بل يعتمد على الواقع ، وكما ورد في حديث أمير المؤمنين عليهالسلام : « بصنع الله يُستدل عليه ، وبالعقول تعتقد معرفته ، وبالفكرة تثبت حجته ، وبآياته احتج علىٰ خلقه.. وابتداؤه إيّاهم دليل علىٰ الابتداء له ؛ لعجز كل مبتدء عن إبداء غيره » (٢).
وقد دلّت التجارب والدراسات العلمية الحديثة علىٰ دور الايمان بالله وباليوم الآخر في اصلاح الفساد الأخلاقي والاجتماعي ، وقام بعض علماء النفس باستخدام العلاج الديني في علاج الأمراض النفسية والخلقية والاجتماعية.
ومن واقعية المنهج التربوي مراعاته لواقع الانسان من حيث استسلامه
_______________________
(١) روح الدين الإسلامي : ص ١١٥.
(٢) تحف العقول / الحرّاني : ص ٤٣.